الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو ادعى كل واحد منهما أنه هو الحر ولا بينة له وجحد المولى فطلبا يمينه استحلفه القاضي لكل واحد منهما بالله عز وجل ما أعتقه ; لأن الاستحلاف لفائدة النكول والنكول بذل أو إقرار ، والعتق يحتمل كل ذلك ، ثم إن نكل لهما عتقا ; لأنه بذل لهما الحرية أو أقر بها لهما ، وإن حلف لهما يؤمر بالبيان ; لأن أحدهما حر بيقين وحريته لا ترتفع باليمين ، وما ذكرنا من رواية ابن سماعة عن محمد في الطلاق يكون ذلك رواية في العتاق وهو أنهما إذا استحلفا فحلف المولى للأول ، يعتق الذي لم يحلف له ; لأنه لما حلف للأول : والله ما أعتقه فقد أقر برقه فيتعين الآخر للحرية ، كما إذا قال ابتداء لأحدهما عينا : هذا عبد ، وإن لم يحلف له عتق هو ; لأنه بذل له الحرية أو أقر .

                                                                                                                                وإن تشاحا في اليمين حلف لهما جميعا بالله عز وجل ما أعتق واحدا منهما فإن حلف [ ص: 109 ] لهما فإن كانا أمتين يحجب منهما حتى يبين ; لما ذكرنا أن حرية إحداهما لا ترتفع بالحلف ، وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أن المولى لا يجبر على البيان في الجهالة الطارئة إذا لم يتذكر لما فيه من استرقاق الحر ; لأن أحدهما حر بيقين بخلاف الجهالة الأصلية ; لأن ثمة الحرية غير نازلة في المحل في أصح القولين فلم يكن في البيان استرقاق الحر .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية