الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الإضافة إلى وقتين فالأصل فيه أن المضاف إلى وقتين ينزل عند أولهما ، والمعلق بشرطين ينزل عند آخرهما ، والمضاف إلى أحد الوقتين غير عين ; فينزل عند أحدهما والمعلق بأحد شرطين غير عين ينزل عند أولهما ، ولو جمع بين فعل ووقت يعتبر فيه الفعل ، وينزل عند وجوده في ظاهر الرواية .

                                                                                                                                وروي عن أبي يوسف أنه ينزل عند أولهما أيهما كان ، ، وبيان هذه الجملة ، إذا قال لعبده : أنت حر اليوم وغدا ، يعتق في اليوم ; لأنه جعل الوقتين جميعا ظرفا للعتق ، فلو توقف وقوعه على أحدهما ، لكان الظرف واحدا لوقتين لا كلاهما ، وأنه إيقاع تصرف العاقل لا على الوجه الذي أوقعه ، ولو قال : أنت حر اليوم غدا ، أعتق في اليوم ; لأنه أضاف الإعتاق إلى اليوم ، ثم وصف اليوم بأنه غد وأنه محال ويبطل وصفه ، وبقيت الإضافة إلى اليوم ، ولو قال : أنت حر غدا اليوم ، يعتق في الغد ; لأنه أضاف العتق إلى الغد ، ووصف الغد باليوم وهو محال فلم يصح وصفه ، وبقيت إضافته العتق إلى الغد فيعتق في الغد ، ولو قال : أنت حر إن قدم فلان وفلان فما لم يقدما جميعا ، لا يعتق ; لأنه علق عتقه بشرطين فلا ينزل إلا عند آخرهما ، إذ لو نزل عند أولهما لبطل التعليق بهما ولكان ذلك تعليقا بأحدهما ، وهو علق بهما جميعا لا بأحدهما ، ولو قال : أنت حر اليوم أو غدا يعتق في الغد ; لأنه جعل أحد الوقتين ظرفا ، فلو عتق في اليوم ، لكان الوقتان جميعا ظرفا ، وهذا خلاف تصرفه ، ولو قال : أنت حر إن قدم فلان أو غدا .

                                                                                                                                فإن قدم فلان قبل مجيء الغد ، عتق ، وإن جاء الغد قبل قدوم فلان ، لا يعتق ما لم يقدم في جواب ظاهر الرواية .

                                                                                                                                وروي عن أبي يوسف أن أيهما سبق مجيئه ; يعتق عند مجيئه ، والأصل فيه أنه ذكر شرطا ووقتا في تصرف واحد ولا يمكن الجمع بينهما ; لما بين التعليق بشرط وبين الإضافة إلى وقت من التنافي ، فلا بد من اعتبار أحدهما وترجيحه على الآخر ، فأبو يوسف رجح جانب الشرط ; لأن الشرط لا يصلح ظرفا والظرف قد يصلح شرطا ، فكان الرجحان لجانب الشرط ، فاعتبره تعليقا بأحد الشرطين فينزل عند وجود أولهما أيهما كان كما إذا نص على ذلك ، ونحن رجحنا السابق منهما في اعتبار التعليق والإضافة ، فإن كان الفعل هو السابق ، يعتبر التصرف تعليقا واعتباره تعليقا يقتضي نزول العتق عند أول الشرطين ، كما إذا علقه بأحد شرطين نصا ، وإن كان الوقت هو السابق ، يعتبر إضافته واعتبارها يقتضي نزول العتق عند آخر الوقتين ، كما إذا أضاف إلى آخر الوقتين نصا ، والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية