الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو وهبهما قبل الاختيار أو تصدق بهما أو تزوج عليهما يخير فيختار العتق في أيهما شاء وتجوز الهبة والصدقة والإمهار في الآخر ; لأن حرية أحدهما أو حق الحرية وهو انعقاد سبب الحرية في أحدهما على اختلاف الكيفيتين لا يوجب بطلان هذه التصرفات .

                                                                                                                                ألا ترى أنه لو جمع في الهبة أو في الصدقة أو في النكاح بين حر وعبد يصح في العبد ، وكذا إذا جمع فيها بين مدبر وقن يصح في القن وهذا ; لأن الجمع بين الحر والعبد في البيع إنما يوجب فساد البيع ; لأنه إذا جمع بينهما فقد جعل قبول البيع في كل واحد منهما شرطا لصحة قبوله في الآخر وأنه شرط فاسد ، وهذه التصرفات لا تبطلها الشروط الفاسدة فإن قيل : إذا قبضهما الموهوب له أو المتصدق عليه أو المرأة ، فقد زال الملك عن أحدهما فكيف يخير المولى ؟ فالجواب أنا لا نقول بزوال الملك عن أحدهما قبل الاختيار بل زواله موقوف على وجود الاختيار ، فإذا تعين أحدهما للعتق باختياره العتق يزول الملك عن أحدهما ، وإن مات المولى قبل أن يبين العتق في أحدهما بطلت الهبة والصدقة فيهما وبطل إمهارها ; لأنه لما مات فقد شاع العتق فيهما لوجود شرط الشياع ; فيعتق من كل واحد منهما نصفه ومعتق البعض لا يحتمل التمليك من الغير .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية