الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ثم البيان في هذه الجهالة نوعان : نص ، ودلالة أو ضرورة أما نص : فنحو أن يقول المولى لأحدهما عينا : هذا الذي كنت أعتقته ونسيت .

                                                                                                                                وأما الدلالة أو الضرورة : فهي أن يقول أو يفعل ما يدل على البيان ، نحو أن يتصرف في أحدهما تصرفا لا صحة له بدون الملك من البيع والهبة والصدقة والوصية والإعتاق والإجارة والرهن والكتابة والتدبير والاستيلاد إذا كانتا جاريتين ; لأن هذه التصرفات لا صحة لها إلا في الملك فكان إقدامه دليل اختياره الملك في التصرف فيه ، وتعين الآخر للعتق ، وكذا إذا كانا أمتين فوطئ إحداهما ، عتقت الأخرى بلا خلاف ; لأن إحداهما حرة بيقين فكان وطء إحداهما تعينا لها للرق ، والأخرى للعتق ، وتعيين الأخرى للعتق ضرورة انتفاء المزاحم ، بخلاف الجهالة الأصلية على أصل أبي حنيفة ; لأن العتق غير نازل في إحداهما فكانت كل واحدة منهما حلال الوطء ، وإن كن عشرا فوطئ إحداهن تعينت الموطوءة للرق حملا لأمره على الصلاح ، وتعينت الباقيات ; لكون المعتقة فيهن دلالة أو ضرورة فيتعين البيان نصا أو دلالة ، وكذا لو وطئ الثانية والثالثة إلى التاسعة ، فتتعين الباقية وهي العاشرة للعتق ; لأن فعله يحمل على الجواز ولا جواز له إلا في الملك فكان ، الإقدام على وطئهن تعيينا لهن للرق ، والباقية للعتق أو تتعين الباقية ضرورة وإلا حسن أن لا يطأ واحدة منهن ; لاحتمال أن تكون الموطوءة هي الحرة فلو أنه وطئ ، فحكمه ما ذكرنا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية