الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما بيان ما يظهر به الولاء .

                                                                                                                                فالولاء يظهر بالبينة مرة ، وبالإقرار أخرى .

                                                                                                                                أما البينة فنحو أن يدعي رجل أنه وارثه بولاء العتاقة فيشهد له شاهدان أن هذا الحي أعتق هذا الحي أو أعتق الميت ، وهو يملكه وهو وارثه ، ولا يعلمون له وارثا غيره جازت الشهادة ; لأنهم شهدوا شهادة مفسرة ، لا جهالة فيها .

                                                                                                                                فقبلت ولو شهدا أن الميت مولاه ، وأنه وارثه لا وارث له غيره لم تجز الشهادة حتى يفسر الولاء ; لأن الولاء يختلف ، قد يكون ولاء عتاقة ، وقد يكون ولاء موالاة ، وأحكامها تختلف ، فما لم يفسر كان مجهولا فلا يقبل الشهادة عليه ، وكذلك لو شهدوا أن الميت مولاه مولى العتاقة أيضا لم يجز ; لأن مولى العتاقة نوعان أعلى وأسفل ، واسم المولى يستعمل في كل واحد منهما على السواء ، فلا تقبل الشهادة إلا بالبيان والتفسير ، ولو ادعى رجلان ولاءه بالعتق ، وأقام كل واحد منهما بينة جعل ميراثه بينهما ; لأنهما استويا في سبب الاستحقاق وهو الدعوى والحجة فيستويان في الاستحقاق ، ولو وقتا وقتا فالسابق وقتا أولى ; لأنه أثبت العتق في وقت لا ينازعه فيه صاحبه وكان الثاني مستحقا عليه ولو كان هذا في ولاء الموالاة كان صاحب الوقت الآخر أولى ; لأن ولاء الموالاة يحتمل النقض والفسخ ، فكان عقد الثاني نقضا للأول إلا أن يشهد شهود صاحب الوقت الأول أنه كان قد عقل عنه ; لأنه حينئذ لا يحتمل النقض فأشبه ولاء العتاقة ، وإن أقام رجل البينة أنه أعتقه وهو يملكه لا يعلمون له وارثا سواه فقضى له القاضي بميراثه وولائه ، ثم أقام آخر البينة على مثل ذلك لم يقبل ، إلا أن يشهدوا أنه اشترى من الأول قبل أن يعتقه ثم أعتقه وهو يملكه فيبطل قضاء الأول ; لأن الأصل أن القاضي إذا قضى بقضية فإنه لا يسمع ما ينافيها إلا إذا تبين أن القضاء الأول كان باطلا وإذا لم يشهدوا أنه اشتراه من الأول قبل أن يعتقه ثم يتبين بطلان القضاء الأول فلا تقبل البينة من الثاني إلا إذا قامت على الشراء من الأول قبل أن يعتقه فيقبل ، ويقضي للثاني ويبطل قضاؤه للأول ; لأنه تبين بهذه الشهادة أن الأول أعتق ما لا يملك فتبين أنه وقع باطلا وصح الثاني .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية