الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ثم في النوع الآخر إذا . أراد الأجير حبس العين بعد الفراغ من العمل لاستيفاء الأجرة هل له ذلك ؟ ينظر إن كان لعمله أثر ظاهر في العين كالخياط والقصار والصباغ والإسكاف له ذلك ; لأن ذلك الأثر هو المعقود عليه وهو صيرورة الثوب مخيطا مقصورا .

                                                                                                                                وإنما العمل يحصل ذلك الأثر عادة ، والبدل يقابل ذلك الأثر ، فكان كالمبيع ، فكان له أن يحبسه لاستيفاء الأجرة ، كالمبيع قبل القبض أنه يحبس لاستيفاء الثمن إذا لم يكن الثمن مؤجلا ، ولو هلك قبل التسليم تسقط الأجرة ; لأنه مبيع هلك قبل القبض ، وهل يجب الضمان ؟ فعند أبي حنيفة لا يجب ، وعندهما يجب ; لأنه يجب قبل الحبس عندهما ، فبعد الحبس أولى .

                                                                                                                                والمسألة تأتي في موضعها إن شاء الله تعالى ، وإن لم يكن لعمله أثر ظاهر في العين كالحمال والملاح والمكاري ليس له أن يحبس العين ; لأن ما لا أثر له في العين فالبدل إنما يقابل نفس العمل ، إلا أن العمل كله كشيء واحد ، إذ لا ينتفع ببعضه دون بعض ، فكما فرغ حصل في يد المستأجر فلا يملك حبسه عنه بعد طلبه كاليد المودعة ; ولهذا لا يجوز حبس الوديعة بالدين ، ولو حبسه فهلك قبل التسليم لا تسقط الأجرة ; لما ذكرنا أنه كما وقع في العمل حصل مسلما إلى المستأجر لحصوله في يده ، فتقررت عليه الأجرة فلا تحتمل السقوط بالهلاك ، ويضمن ; لأنه حبسه بغير حق فصار غاصبا بالحبس ، ونص محمد على الغصب فقال : فإن حبس الحمال المتاع في يده فهو غاصب .

                                                                                                                                ووجهه ما ذكرنا أن العين كانت أمانة في يده ، فإذا حبسها بدينه فقد صار غاصبا ، كما لو حبس المودع الوديعة بالدين .

                                                                                                                                هذا الذي ذكرنا أن العمل لا يصير مسلما إلى المستأجر إلا بعد الفراغ منه ; حتى لا يملك الأجير المطالبة بالأجرة قبل الفراغ إذا كان المعمول فيه في يد الأجير .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية