الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  وقال جل ذكره : إنما يخشى الله من عباده العلماء

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا في المعنى عطف على قوله " لقول الله تعالى : فاعلم أنه لا إله إلا الله " ; المعنى : إنما يخاف الله من عباده العلماء ، أي من علم قدرته وسلطانه وهم العلماء - قاله ابن عباس ، وقال الزمخشري : المراد العلماء الذين علموه بصفاته وعدله وتوحيده وما يجوز عليه وما لا يجوز فعظموه وقدروه وخشوه حق خشيته ، ومن ازداد به علما ازداد منه خوفا ، ومن كان عالما به كان آمنا ، وفي الحديث : أعلمكم بالله أشدكم له خشية . وقال رجل للشعبي : أفتني أيها العالم ! فقال : العالم من خشي الله ! وقيل : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وقد ظهرت عليه الخشية حتى عرفت ، انتهى . وقرئ " إنما يخشى الله " برفع لفظة " الله " ونصب " العلماء " ، وهو قراءة عمر بن عبد العزيز وأبي حنيفة رضي الله عنهما ; ووجه هذه القراءة أن الخشية فيها تكون استعارة ، والمعنى : إنما يجلهم ويعظمهم ، ومن لوازم الخشية التعظيم ، فيكون هذا من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم .

                                                                                                                                                                                  وفي أيام اشتغالي على الإمام العلامة أبي الروح شرف الدين عيسى السرماري في علمي التفسير والمعاني والبيان - تغمده الله برحمته - حضر شخص من أهل العلم وقت الدرس وسأله عن هذه الآية ، فقال : خشية الله تعالى مقصورة على العلماء بقضية الكلام ، وقد ذكر الله تعالى في آية أخرى أن الجنة لمن خشي ; وهو قوله تعالى : ذلك لمن خشي ربه - فيلزم من ذلك أن لا تكون الجنة إلا للعلماء خاصة . فسكت جميع من كان هناك من الفضلاء الأذكياء الذين كان كل منهم يزعم أنه المفلق في العلمين المذكورين ، فأجاب الشيخ رحمه الله أن المراد من العلماء الموحدون وأن الجنة ليست إلا للموحدين الذين يخشون الله تعالى .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : ما وجه إدخال هذه الآية في الترجمة ؟ قلت : هو ظاهر ; وذلك أن الباب في العلم والآية في مدح العلماء ، ولم يستحقوا هذا المدح إلا بالعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية