الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  108 49 - حدثنا أبو معمر ، قال : حدثنا عبد الوارث ، عن عبد العزيز قال أنس : إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا هو الحديث الثالث مما فيه المطابقة للترجمة .

                                                                                                                                                                                  بيان رجاله :

                                                                                                                                                                                  وهم أربعة :

                                                                                                                                                                                  الأول : أبو معمر بفتح الميمين عبد الله بن عمرو المشهور بالمقعد المنقري البصري ، وقد تقدم .

                                                                                                                                                                                  الثاني : عبد الوارث بن سعيد التميمي البصري ، وقد تقدم .

                                                                                                                                                                                  الثالث : عبد العزيز بن صهيب الأعمى البصري ، وقد مر .

                                                                                                                                                                                  الرابع : أنس بن مالك رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                  بيان لطائف إسناده :

                                                                                                                                                                                  منها أن فيه التحديث والعنعنة ، ومنها أن رواته كلهم بصريون ، ومنها أنه من الرباعيات .

                                                                                                                                                                                  بيان من أخرجه غيره

                                                                                                                                                                                  أخرجه مسلم ، عن زهير ، عن أبي علية ، عن عبد العزيز به . وأخرجه النسائي في العلم أيضا ، عن عمران بن موسى ، عن عبد العزيز عنه به . وقول الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين أن حديث أنس هذا مما انفرد به مسلم غير صواب .

                                                                                                                                                                                  بيان الإعراب والمعاني

                                                                                                                                                                                  قوله " إنه " أي الشأن ، قوله “ ليمنعني " في محل الرفع على أنه خبر إن واللام فيه للتأكيد ، قوله “ أني أحدثكم " كلمة أن بفتح الهمزة مع التخفيف وهي مع معمولها في محل النصب على أنها مفعول أول لقوله ليمنعني ; لأن منع يتعدى إلى مفعولين و" أن " مصدرية تقديره ليمنعني تحديثكم ، وقوله " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أن هذه المشددة مع اسمها وخبرها في محل الرفع على أنها فاعل ليمنعني ، قوله “ حديثا " نصب على أنه مفعول مطلق ، والمراد به جنس الحديث ، ولهذا جاز وقوع الكثير صفة له لا حديث واحد وإلا يلزم اجتماع الوحدة والكثرة فيه ، قوله “ من تعمد " إلخ مقول القول ، قوله “ كذبا " عام في جميع أنواع الكذب ; لأن النكرة في سياق الشرط كالنكرة في سياق النفي في إفادة العموم ، فإن قلت : ما المراد [ ص: 153 ] من قوله " أحدثكم حديثا " . قلت : حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ; لأنه هو المراد في عرف الشرع عند الإطلاق ، وقوله " قال من تعمد " إلخ أيضا قرينة على هذا ، فإن قلت : الحديث لا يمنع كثرة الحديث الصادق بل يجب التبليغ والتكثير إذا كان صادقا ، فكيف جعله مانعا ؟ قلت : كثرة الحديث وإن كان صادقا ينجر إلى الكذب غالبا عادة ، ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه ، فالتعليل للاحتراز عن الانجرار إليه ولو كان وقوعه على سبيل الندرة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية