الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  وقال ابن عباس : كونوا ربانيين حلماء فقهاء .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا التعليق رواه الخطيب في كتاب الفقيه والمتفقه بسند صحيح عن أبي بكر الحربي ، ثنا أبو محمد حاجب ابن أحمد الطوسي ، ثنا عبد الرحيم بن حبيب ، ثنا الفضيل بن عياض ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عنه . ورواه ابن أبي عاصم في كتاب العلم عن المقدمي ، ثنا أبو داود ، عن معاذ ، عن سماك ، عن عكرمة ، عنه . وقد فسر ابن عباس الرباني بأنه الحكيم الفقيه ، ووافقه ابن مسعود فيما رواه إبراهيم الحربي في غريبه عنه بإسناد صحيح ، والرباني منسوب إلى الرب وأصله الربي فزيدت فيه الألف والنون للتأكيد والمبالغة في النسبة . وقال أبو المعاني في كتابه المنتهى في اللغة : الرباني المتأله العارف بالله تعالى ، وربيت القوم سستهم ; أي كنت فوقهم . وقال أبو نصر : هو من الربوبية . وعن ابن الأعرابي : لا يقال للعالم رباني حتى يكون عالما معلما ، ويقال هو العالي الدرجة في العلم . وقال الإسماعيلي : الرباني منسوب إلى الرب ; كأنه الذي يقصد ما أمره الرب . وفي كتاب الفقيه للخطيب عن مجاهد : الربانيون الفقهاء ، وهم فوق الأحبار . وقال نفطويه : قال أحمد بن يحيى : إنما قيل للعلماء ربانيون لأنهم يربون العلم - أي يقومون به . وفي كتاب الفقيه عنه : إذا كان الرجل عالما عاملا معلما قيل له هذا رباني ، فإن خرم خصلة منها لم يقل له رباني . وعند الطبري عن ابن زيد : الربيون الأتباع ، والربانيون الولاة ، والربيون الرعية . وعن الأزهري : هم أرباب العلم الذين يعلمون ما يعلمون . وقال أبو عبيد : سمعت رجلا عالما بالكتب يقول : الربانيون العلماء بالحلال والحرام . وفي الجامع للقزاز : الربي ، والجمع ربيون - هم العباد الذين يصحبون الأنبياء عليهم السلام ويصبرون معهم ، وهم الربانيون ، نسبوا إلى عبادة الرب سبحانه وتعالى . وقيل : هم العلماء الصبر . وقيل : ليس ربيون بلغة العرب ، إنما هي سريانية أو عبرانية ، وحكى عن بعض اللغويين أن العرب لا تعرف الرباني ، وقال : إنما فسره الفقهاء . قال القزاز : وأنا أرى أن يكون عربيا .

                                                                                                                                                                                  قوله " حكماء " جمع حكيم ، والحكمة صحة القول والعقد والفعل ، ويقال : الحكمة الفقه في الدين . وقيل : الحكمة معرفة الأشياء على ما هي عليه . والفقهاء جمع فقيه ، والفقه الفهم لغة ، وفي الاصطلاح العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية ، وفي بعض النسخ " حلماء " جمع حليم باللام ، والحلم هو الطمأنينة عند الغضب ، وفي بعضها " علماء " وهو من باب ذكر الخاص بعد العام ، والظاهر أن حكماء وفقهاء تفسير للربانيين .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية