الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  119 حدثنا إبراهيم بن المنذر ، قال : حدثنا ابن أبي فديك بهذا ، أو قال : غرف بيده فيه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ساق البخاري الحديث المذكور بهذا السند بعينه في علامات النبوة ، فقال : حدثني إبراهيم بن المنذر ، حدثنا ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلت : " يا رسول الله ، إني سمعت منك حديثا كثيرا فأنساه ، قال : ابسط رداءك ، فبسطت ، فغرف بيده فيه ، ثم قال : ضمه ، فضممته ، فما نسيت حديثا بعد " .

                                                                                                                                                                                  والاختلاف بين الحديثين في بعض الألفاظ ، ففي الأول : " إني أسمع منك " ، وفي هذا " سمعت منك " وهناك " أنساه " وهاهنا : " فأنساه " بالفاء ، وهناك " فبسطته " وهنا " فبسطت " بدون ضمير المفعول ، وهناك " فغرف بيديه " وهاهنا " بيده " ، وهناك " فما نسيت شيئا " وهنا " فما نسيت حديثا " .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية الأكثرين في حديث الباب : " فغرف " ، ووقع في رواية المستملي وحده يحذف ، وقال صاحب المطالع في باب حفظ العلم في رواية المستملي : قوله " ابسط رداءك " قول ابن أبي فديك ، وقال : يحذف فيه ، أي كأنه يرمي بيده في رداء أبي هريرة شيئا لما كان قبل ذلك فغرف بيده ، ثم قال : ضمه ، انتهى كلامه .

                                                                                                                                                                                  وادعى بعضهم أن هذا تصحيف ، ولم يقم عليه برهانا غير أنه قال : لما وضح من سياقه في علامات النبوة ، وقد رواه ابن سعد في الطبقات ، عن ابن أبي فديك ، فقال : فغرف ، وهذا ليس يقوم به دليل على ما لا يخفى ، ولو كان تصحيفا لنبه عليه صاحب المطالع .

                                                                                                                                                                                  وإبراهيم بن المنذر مر في أول كتاب العلم ، وابن أبي فديك هو أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن أبي فديك المدني ، وأبو فديك بضم الفاء وفتح الدال المهملة اسمه دينار ، مات سنة مائتين .

                                                                                                                                                                                  قوله " بهذا " أي بهذا الحديث ، قوله “ قال " أي ابن أبي فديك : يحذف بيده إلى فيه ، من الحذف بالحاء المهملة والذال المعجمة وبالفاء .

                                                                                                                                                                                  وفي العباب في فصل الحاء المهملة : حذفته بالعصا أي رميته ، وهو بين كل حاذف وقاذف ، فالحاذف بالعصا والقاذف بالحجر .

                                                                                                                                                                                  وقال الليث : الحذف الرمي عن جانب ، والضرب عن جانب ، وقال في فصل الخاء المعجمة : الخذف رميك بحصاة أو نواة أو نحوهما ، تأخذه بين سبابتيك تخذف به . قلت : ومن هذا قال بعضهم : الحذف بالمهملة بالعصا والخذف بالمعجمة بالحصى .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : وقد وجد في بعض النسخ ها هنا : حدثنا إبراهيم بن المنذر .. إلخ ، ثم قال : والظاهر أن ابن أبي فديك يرويه أيضا عن ابن أبي ذئب ، فيتفق معه إلى آخر الإسناد الأول مع احتمال روايته عن غيره . قلت : هذا غفلة منه ، ولو اطلع على ما رواه البخاري في علامات النبوة لما تردد ها هنا ولجزم برواية ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية