الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنها ) إذا طلق واحدة معينة من نسائه ثم أنسيها أو جهلها ابتداء كمن قال إن كان هذا الطائر غرابا ويسعه طالق وإن لم يكن غرابا ففلانة طالق ، فطار ولم يعرف ما كان فالمشهور أيضا أنها تعين بالقرعة ويحل له البواقي . كما أنه لو أعتق أمة من إمائه وأنسيها عينها بالقرعة وحل له البواقي لأن القرعة قامت مقام الشاهد والمخبر للضرورة ، والشارع لم يكلف العباد بما في نفس الأمر بل بما ظهر وبدا وإن كان مخالفا لما في نفس الأمر ، والمجهول كالمعدوم مادام مجهولا فإذا علم ظهر حكمه كالاجتهاد مع النص والتيمم مع الماء ، وقد نص أحمد صريحا على هذا في رواية جماعة وعن أحمد : لا يقرع بل يوقف حتى يتبين ، قال الشالنجي : سألت أحمد عن الرجل يطلق امرأة من نسائه ولا يعلم أيتهن طلق ؟ قال : أكره أن أقول في الطلاق بالقرعة . قلت : أرأيت إن مات هذا ؟ قال : أقول بالقرعة ، أي لأجل الميراث بعد الموت .

وهذه اختيار صاحب المغني . والمذهب : الأول ، وعليه فلو ذكر أن المطلقة غير من أصابتها القرعة وأنه يذكر ذلك لزمه الطلاق فيها . وهل ترجع التي وقعت عليها القرعة ؟ توقف فيه أحمد مرة . وقال في رواية الميموني : إن كانت تزوجت لم ترجع إليه ; لأن حق الزوج الثاني تعلق بها فلا يقبل قوله في إسقاط حقه وفسخ نكاحه ، وإن لم تتزوج فإن كانت القرعة بفعل الحاكم لم ترجع إليه أيضا نص عليه في رواية الميموني أيضا .

قال ابن أبي موسى : وهو يرجع إلى أن حكم الحاكم له تأثير في التحريم . وفيما قاله نظر ، بل الظاهر أنه يرجع أن فعل الحاكم حكم فلا يقبل قول الزوج فيما يرفع فعل الحاكم لأن تعليق حكم الحاكم كتعلق حكم الزوج وأولى ، وإن لم تكن القرعة من الحاكم رجعت إليه . نص عليه أيضا لأن إخباره بذلك مقبول قبل القرعة فكذلك بعدها إلا أن يتضمن إبطال حق لغيره ولم يوجد ذلك هنا ، وعن أبي بكر وابن حامد لا يرجع إليه لأنه متهم في نفي الطلاق عنها فلا يقبل قوله فيه

التالي السابق


الخدمات العلمية