الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومنها : لو رمى إلى مرتد أو إلى حربي فأسلما ثم وصل إليهما السهم فقتلهما فلا قود بغير خلاف ; لأن دمهما حال الرمي كان مهدرا ، وهل يجب الضمان ؟ فيه ثلاثة أوجه : أحدها : وجوبه فيهما قاله القاضي في خلافه والآمدي وأبو الخطاب في موضع من الهداية ، وعزاه غير واحد إلى الخرقي اعتبارا بحالة الإصابة وهما حينئذ مسلمان معصومان ، ولا أثر لانتفاء العصمة حال السبب ، كما لو حفر بئرا لهما فوقعا فيها بعد إسلامهما فإنه يضمنها بغير خلاف ذكره القاضي وغيره قال القاضي : ولا نسلم أن رمي الحربي والمرتد مباح مطلقا بل هو مراعا فإن أسلم قبل الوقوع تبينا أنه لم يكن مباحا .

والثاني : لا ضمان فيهما وهو أشهر ، وحكاه القاضي في رواية عن أبي بكر في المرتد ، وقال لا خلاف فيه في المذهب ; لأن رميهما كان مأمورا به ، وقد حصل على وجه لا يمكن تلافيه ، فأشبه ما إذا جرحهما ثم أسلما .

والثالث : يضمن المرتد دون الحربي وأصل هذا الوجه طريقة القاضي في المجرد وابن عقيل [ ص: 292 ] وأبو الخطاب في موضع من الهداية أنه لا يضمن الحربي بغير خلاف ; وفي المرتد وجهان ، والفرق أن المرتد قتله إلى الإمام فالرامي إليه متعد وهو كالرامي إلى الذمي ، بخلاف الحربي فإن لكل أحد قتله ، فرميه ليس بعدوان ، أما عكسه وهو لما رمى إلى معصوم فأصابه السهم وهو مهدر كمسلم ارتد وذمي نقض العهد بين الرمي والإصابة فلا ضمان بغير خلاف أعلمه بين الأصحاب ; لأن الإصابة لم تصادف معصوما ، فهو كما لو رمى معصوما ، فأصابه السهم بعد موته ، وكذلك لو رمى عبدا قيمته عشرون دينارا فأصابه السهم وقيمته عشرة فإنه يضمنه بقيمته وقت الإصابة لا وقت الرمي بغير خلاف ذكره القاضي وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية