الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومنها ) ما نقل البزراطي عن أحمد أنه سئل عن رجل مات وخلف ألف درهم وعليه للغرماء أكثر من ألف درهم وليس له وارث غير ابنه فقال ابنه لغرمائه اتركوا هذا الألف في يدي وأخروني في حقوقكم ثلاث سنين حتى أوفيكم جميع حقوقكم ، قال إذا كانوا استحقوا قبض هذه الألف وإنما يؤخرونه ليوفيهم لأجل أن يتركها في يديه فهذا لا خير له فيه إلا أن يقبضوا الألف منه ويؤخرونه في الباقي ما شاءوا ، قال بعض شيوخنا تخرج هذه الرواية على القول بأن التركة لا تنتقل قال إن قلنا تنتقل إليهم جاز ذلك وهو أقيس بالمذهب ، وتوجيه ما قال إن حق الغرماء في عين التركة دون ذمة الورثة فإذا أسقطوا حقهم من التعلق بشرط أن يوفيهم الورثة بقية حقوقهم فهو إسقاط بعوض غير لازم للورثة فإن قيل بانتقال التركة إلى الوارث فقد أذن له في الانتفاع بماله بعوض يلزمه له في ذمته وإن قيل بعدم الانتقال فهو شبيه بتمليكه ألفا بألفين إلى أجل وإن لم يكن تمليكا مع أن قول أحمد لا خير فيه ليس تصريحا بالتحريم فيحتمل الكراهة . قوله ويؤخرونه في الباقي ما شاءوا يدل على أن الورثة إذا تصرفوا في التركة صاروا ضامنين جميع الدين في ذمتهم فيطالبون به ومتى كان الدين في ذمم الورثة قوي الجواز ; لأن انتقاله إلى ذممهم فرع انتقال التركة إليهم فيبقى كالمفلس إذا طلب من غرمائه الإمهال وإسقاط حقوقهم من أعيان ماله ليوفيهم إياها كاملة إلى أجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية