ومنها : من كمن خلص عبد غيره من فلاة مهلكة أو متاعه من موضع يكون هلاكه فيه محققا أو قريبا منه بالبحر وفم السبع فنص أنقذ مال غيره من التلف على وجوب الأجرة له في المتاع وذكره أحمد القاضي وصاحب المغني في العبد أيضا وحكى وابن عقيل فيه احتمالا بعدم الوجوب كاللقطة وأورد في المجرد عن نص القاضي فيمن خلص من فم السبع شاة أو خروفا أو غيرهما فهو لمالكه الأول ولا شيء للمخلص والصحيح الأول لأن هذا يخشى هلاكه وتلفه على مالكه بخلاف اللقطة وكذلك لو انكسرت السفينة فخلص قوم الأموال من البحر فإنه يجب لهم الأجرة على الملاك ما ذكره في المغني لأن فيه حثا وترغيبا في إنقاذ الأموال من التهلكة فإن الغواص إذا علم أنه يستحق الأجرة غرر بنفسه وبادر إلى التخليص بخلاف ما إذا علم أنه لا شيء له فهو في معنى رد الآبق وفي مسودة شرح الهداية أحمد لأبي البركات : وعندي أن كلام على ظاهره في وجوب الأجرة على تخليص المتاع من المهالك دون الآدمي لأن الآدمي أهل في الجملة لحفظ نفسه وفيه نظر وقد يكون صغيرا أو عاجزا وتخليصه أهم وأولى من المتاع وليس في كلام أحمد تفرقة فأما من عمل في مال غيره على غير ما ذكرنا فالمعروف من المذهب أنه لا أجرة له ونقل أحمد أبو جعفر الجرجاني عن في رجل عمل في قناة رجل بغير إذنه فقال لهذا الذي عمل نفقته إذا عمل ما يكون مصلحة لصاحب القناة وهذه تتخرج على أصلين : أحمد
أحدهما : أن الغاصب يكون شريكا بآثار عمله .
والثاني : أن يجبر على أخذ قيمة آثار عمله من المالك لتملكها عليه وخرج في خلافه بأن يكون شريكا بآثار عمله إذا زادت به القيمة وذكر نص القاضي في العمل في القناة من رواية أحمد حرب وابن هانئ وتبعه على ذلك جماعة من الأصحاب وحمل في مفرداته هذه النصوص على أن العامل هنا في القناة كان شريكا فيها وليس في المنصوص شيء يشعر بذلك ومن الأصحاب من أقر النصوص على ظاهرها وجعل هذا الحكم مطردا في كل من عمل عملا كغيره فيه مصلحة له وهو محتاج إليه كحصاد زرعه والاستخراج من معدنه ونحو ذلك تخريجا من العمل في القناة ومنهم ابن عقيل الحارثي وكأنهم جعلوه بمنزلة تصرف الفضولي فللمالك حينئذ أن يمضيه ويرد عوضه وهو أجرة المثل وله أن يمضيه فيكون العامل شريكا بالعمل وقد قال في بعض تعاليقه وقرأته بخطه في الأجير إذا عمل في العين المستأجر عليها دون ما شرط عليه أن المالك مخير إن شاء رد عمله وأخذ وصار الأجير [ ص: 137 ] شريكا بعمله وإن شاء قبل العمل ورجع على الأجير بالأرش وذكر نص القاضي في رواية أحمد بالرجوع بالأرش ثم حمله على أنه كان قد رضي بالعمل . الميموني
وقال في خلافه : قياس المذهب إذا لم يأت الحائك بالثوب على الصفة المشروطة إن شاء ضمنه قيمة الغزل ولا أجرة له وإن شاء ضمنه قيمته منسوجا وعليه الأجرة ، وتكون الأجرة ههنا بما زاد على قيمة الغزل . القاضي
ثم ذكر رواية هذه وقال هي محمولة على أن صاحب الثوب اختار تقويمه معمولا والتزم قيمة الصنعة التي هي دون التي وافقه عليها وهذا الذي قاله بعيد جدا أن يضمن المالك الصانع قيمة الثوب مع بقائه ولا يصح حمل كلام الميموني على ما قاله لأن أحمد قال : ينظر ما بينهما فيرجع به على الصانع ، وهذا تصريح بالرجوع عليه بالأرش خاصة . أحمد
وأيضا فلو غصب غزلا ونسجه لم يملك المالك التزامه به ويطالبه بالقيمة فكيف يملك مطالبة الأجير بذلك ، وذكر في هذه المسألة أن المالك يملك استرجاع الأجرة المسماة ودفع أجرة المثل ثم ذكر احتمالا بالرجوع بالأرش كما هو المنصوص والله أعلم . ابن عقيل
ومتى كان العمل في مال الغير إنقاذا له من التلف المشرف عليه كان جائزا كذبح الحيوان المأكول إذا خيف موته صرح به صاحب المغني ويفيد هذا أنه لا يضمن ما نقض بذبحه .