[ ص: 2 ] كتاب ذم الغضب والحقد والحسد .
وهو الكتاب الخامس من ربع المهلكات من كتاب إحياء علوم الدين .
بسم الله الرحمن الرحيم .
ولا يحذر سوء غضبه ، وسطوته إلا الخائفون الذي استدرج عباده من حيث لا يعلمون وسلط عليهم الشهوات وأمرهم بترك ما يشتهون وابتلاهم بالغضب وكلفهم كظم الغيظ فيما يغضبون ، ثم حفهم بالمكاره واللذات وأملى لهم لينظر كيف يعملون ، وامتحن بهم حبهم ليعلم صدقهم فيما يدعون وعرفهم أنه لا يخفى عليه شيء مما يسرون وما يعلنون وحذرهم أن يأخذهم بغتة وهم لا يشعرون فقال : ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون والصلاة والسلام على الحمد لله الذي لا يتكل على عفوه ، ورحمته ، إلا الراجون محمد رسوله الذي يسير تحت لوائه النبيون وعلى آله وأصحابه الأئمة المهديون والسادة المرضيون صلاة يوازي عددها عدد ما كان من خلق الله وما سيكون ويحظى ببركتها الأولون والآخرون وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد : فإن اقتبست من نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة وإنها لمستكنة في طي الفؤاد استكنان الجمر تحت الرماد ويستخرجها الكبر الدفين في قلب كل جبار عنيد كاستخراج الحجر النار من الحديد وقد انكشف للناظرين بنور اليقين أن الإنسان ينزع منه عرق إلى الشيطان اللعين فمن استفزته نار الغضب فقد قويت فيه قرابة الشيطان ؛ حيث قال : الغضب شعلة نار خلقتني من نار وخلقته من طين فإن شأن الطين السكون ، والوقار وشأن النار التلظي والاستعار والحركة ، والاضطراب والحسد وبهما هلك من هلك ، وفسد من فسد ، ومفيضهما مضغة إذا صلحت صلح معها سائر الجسد وإذا كان الحقد ، والحسد ، والغضب مما يسوق العبد إلى مواطن العطب فما أحوجه إلى معرفة معاطبه ومساويه ليحذر ذلك ويتقيه ويميطه عن القلب إن كان وينفيه ويعالجه إن رسخ في قلبه ، ويداويه فإن من لا يعرف الشر يقع فيه ومن عرفه ، فالمعرفة لا تكفيه ما لم يعرف الطريق الذي به يدفع الشر ، ويقصيه . ومن نتائج الغضب الحقد
ونحن نذكر ذم الغضب ، والحسد في هذا الكتاب ، ويجمعها . وآفات الحقد ،
[ ص: 2 ]