الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
نشأة الدولة الحديثة:

يقصد بالدولة الحديثة: الدولة التي عرفها واقع العلاقات الدولية في أوربا بعد "معاهدة وستفاليا" سنة 1648م.. وشهدت أوروبا فيما بين 1618-1648م حرب الثلاثين عاما، بين مؤيدي الإمبراطور والبابا وبين الداعين لاستقلال سلطة الملك عن البابا والإمبراطور مؤكدين أن الملك يتمتع بالسيادة الكاملة في ممتلكاته، وأن هذه السلطة العليا لا ينافسه عليها أحد في الدولة، وانتهت الحرب بـ "معاهدة وستفاليا"، ومن أهم مقررات المعاهدة: إقرار سيادة الدول، بمعنى أن لا يتدخل البابا في سلطة الملوك داخل ممالكهم، وتعد هذه [ ص: 33 ] المعاهدة أساس القانون الدولي الحديث المستند إلى فكرة سيادة الدول [1] .

وتطورت العلاقات بين الدول بشكل تراكمي كإقرار مبدأ السفارات الدائمة بدلا من السفارات المؤقتة، سبيلا لتجنب الحروب ودعما للاستقرار الدولي.

وأقر القانون الدولي، بعد نشوء الأمم المتحدة، في ميثاقه عام 1948م حق البقاء للدول وحق السيادة، ثم أقر في الاتفاقيات الدولية حق الشعوب في تقرير المصير.

وأصبح من المستقر في القانون الدولي منع استعمال القوة إلا في حالة الدفاع عن الدولة، أو بطلب من الأمم المتحدة؛ بما يجعل من غير المستساغ أن تـقـوم الـدول الـكبرى بمـحاولة احتـلال أو ضم الـدول الأخـرى، ولكن هذا لم يكن يعني أن الدول الكبرى لن تتدخل في باقي الدول لتحقيق مصالحها وبسط نفوذها، وإنما الذي حدث -في ظل الدولة الحديثة والقانون الدولي تغير في أدوات السياسة الخارجية، وصار من أهمها الاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقيات الأمم المتحدة، وبتوقيع الدول عليها فإنها تلتزم بمقتضاها بما في ذلك تعديل التشريعات المحلية المتعارضة معها.

وفي حال تقصير الدولة بوظائفها فإن الباب ينفتح للتدخل الخارجي، تارة عن طريق التذرع بأن قوانين الدولة غير منسجمة مع معايير حقوق الإنسان، أو عن طريق تحريك فئة من المواطنين للمطالبة بحق تقرير المصير.

[ ص: 34 ] ومن هنا فمن الجدير أن تقوم الدول الوطنية بمراجعة تشريعاتها المتعارضة مع حقوق الإنسان، والقيام بتعديل تشريعي متناسب مع ثقافتها، والمبادرة لمعالجة التقصير بوظائفها بحيث لا يفرض عليها إجراء تعديلات تنتهك سيادتها عمليا وغير مناسبة لخصوصيتها الثقافية ثم تكون سببا لأزمات داخلية، لتعارضها مع ثقافة المواطنين.

وهذا يستلزم من دعاة التغيير أن يفهموا أدوات الإصلاح، والتغيير، والعمل من خلال مؤسسات الدولة باقتراح التشريعات والتدابير التي تحمي الدولة من مسوغ التدخل الخارجي.

التالي السابق


الخدمات العلمية