الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
السلطة ووسائل تفويضها:

- السلطة في الإسلام:

- السلطة لغة:

بتتبع لفظ "السلطة" في المعاجم [1] نجد أن السلطة اسم من السلطان، والسـلـطـان يطـلـق عـلـى الحـجـة والبرهان، وعلى قدرة الملك، وعلى قدرة كل من جعل له الحـق، كقـولك: جعـلتـك سلـطانا على أخـذ حقي من فلان. قال الزبيدي في تاج العروس: "وإنما قيل للخليفة سلطان؛ لأنه ذو سلطان، [ ص: 43 ] أي ذو الحجة، وقيل: لأنه يقام به الحجج والحقوق" [2] .

ويلحظ أن "السلطة" لغة ومشتقاتها تحمل معنى القدرة المستندة إلى حق، لتنفيذ ذلك الحق، وإحقاقه، فسلطة الملك هي قدرته على إلزام المجموع بالتزام ما يصدر عنه من أوامر ونواه، وسلطة صاحب الحق: هي وسيلة تنفيذ ذلك الحق.

استعمال القرآن الكريم لمعنى السلطة:

ورد لفظ السـلطان في القرآن الكريـم، بمعـنى قريب من المعنى اللغوي. كما في قوله تعالى: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا (الإسراء:33) ، أي قدرة وحقا مشروعا، إن شاء عفا، وإن شاء طالب بتنفيذ الحكم القضائي.

- السلطة العامة اصطلاحا:

يقصد بالسلطة العامة: القدرة على الإلزام بما أصدرت من أوامر ونواه وتشريعات، وتتميز بأنها قوة متفوقة في العمل والأمر والقسر

[3] ، وأنها مستقلة في مجالها بحيث لا يوجد سلطة تدانيها في مجالها، كما أنها واحدة لا تتجزأ مهما تعددت الهيئات الحاكمة في الدولة.

النظرية الإسلامية لسلطة الأمة وللعلاقة بين الحاكم الأمة:

تقوم النظرية الإسلامية لسلطة الأمة على الأسس التالية:

[ ص: 44 ] - التشريع الإسلامي واجب التطبيق على الأمة التي آمنت به، فالتشريع بهذا المعنى له السيادة على أنشطة الأمة كلها، وهو سابق على وجود الدولة.

- الأمة هي المكلفة ابتداء بتنفيذ الأحكام لأن الخطاب الشرعي توجه إليها، ومن توجه الخطاب إليه فهو المكلف، وفي هذا يقول الإمام الجويني: "... المسلمون هم المخاطبون، والإمام في التزام أحكام الإسلام كواحد من الأنام، ولكنه مستناب في تنفيذ الأحكام" [4] .

فالأمة بهذا المعنى صاحبة السلطة أو وقد يعبر عن المعنى بأن الأمة مالكة السيادة السياسية لكنها لا تملك السيادة التشريعية؛ لأنه لا تكليف بلا سلطة، وتقوم الأمة بتنفيذ التكاليف عن طريق تفويض الأمر للإمام، وللمتبعين من الناس المعبر عنهم بأهل الحل والعقد.

التالي السابق


الخدمات العلمية