الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ثم قال:

      أسمائه رهبانهم موازين ومنصف بصاحب يضاهون


      ولم يجئ في سور التنزيل     إلا بلام الجر في التنزيل

      أخبر في الشطر الأول عن أبي داود بحذف ألف: "أسمائه"، و: "رهبانهم"، و: "موازين".

      أما "أسمائه" ففي الأعراف: وذروا الذين يلحدون في أسمائه ، وقيده بالمجاور وهو الضمير، احترازا عن الخالي عنه نحو: ما تعبدون من دونه إلا أسماء ، ونحو: له الأسماء الحسنى .

      وأما: "رهبانهم" ففي "التوبة": اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ، وقيده بالإضافة احترازا من الخالي عنها نحو: إن كثيرا من الأحبار والرهبان ، فإن ألفه ثابتة.

      وأما "المنكر" فلم يقع إلا خارج الترجمة، في "العقود": ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ، وألفه ثابتة.

      وأما: "موازين" ففي "الأعراف"، و: "قد أفلح": فمن ثقلت موازينه ، ومن خفت موازينه ، ونحو في "القارعة"، وفي "الأنبياء": ونضع الموازين القسط ، وهو متعدد ومنوع كما مثل، والعمل عندنا على ما لأبي داود من الحذف في الألفاظ الثلاثة المذكورة، ثم أخبر عن صاحب المنصف بحذف الألف في: صاحب، مطلقا، وفي: "يضاهون"، ثم أخبر بأن: "صاحب"، لم "يجئ" بالحذف في كتاب أبي داود المسمى: "بالتنزيل" إلا مقترنا بلام الجر حال كونه في سور التنزيل، أي: القرآن؛ ففاعل: "يجئ"، ضمير عائد على: "صاحب"، لا على: "يضاهون"، وإن كان: "يضاهون"، أقرب منه; لأن الذي ورد مقترنا بلام الجر هو: صاحب، لا "يضاهون".

      أما: "صاحب" ففي "التوبة": إذ يقول لصاحبه لا تحزن .

      وفي الكهف: [ ص: 105 ] قال له صاحبه .

      وفي "ن": ولا تكن كصاحب الحوت ، وهو متعدد ومنوع كما مثل، ويدخل في صاحب المحذوف لصاحب المنصف: والصاحب بالجنب ، في النساء.

      وأما: "يضاهون" ففي "التوبة": يضاهئون قول الذين كفروا ، لا غير.

      وأما "صاحب" المقترن بلام الجر المحذوف لأبي داود والمنصف ففي موضعين: أحدهما المتقدم في سورة "التوبة"، وهو: إذ يقول لصاحبه لا تحزن .

      والآخر في "الكهف" وهو: فقال لصاحبه وهو يحاوره . والعمل عندنا على الحذف في: "يضاهون"، وفي لفظ: "صاحب"، حيث وقع في القرآن سواء كان مجرورا باللام أم لا، وأما: و: "صاحبهما"، من قوله تعالى: وصاحبهما في الدنيا معروفا ، في "لقمان" فلا تشمله عبارة الناظم; لأنه نطق بصاحب محركا منونا وصاحبهما لا يقبل واحدا منهما، والعمل فيه عندنا على الإثبات.

      وقوله: "أسمائه"، واللفظان بعده عطف على "أواه".

      التالي السابق


      الخدمات العلمية