الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تائب من بني إسرائيل :

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا محفوظ بن أحمد الفقيه قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القاضي قال: حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي قال: حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد الحضرمي ، عن كعب الأحبار : أن رجلا من بني إسرائيل أتى فاحشة ، فدخل نهرا يغتسل [ فيه ] فناداه الماء يا فلان ألم تستحي ألم تتب من هذا الذنب ، وقلت: إنك لا تعود فيه فخرج من الماء فزعا وهو يقول: لا أعصي الله عز وجل .

فأتى جبلا فيه اثنا عشر رجلا يعبدون الله تعالى فلم يزل معهم حتى قحط موضعهم ، فنزلوا يطلبون الكلأ ، فمروا على ذلك النهر ، فقال لهم الرجل: أما أنا فلست بذاهب معكم ، قالوا: لم ؟ قال: لأن ثم من قد اطلع مني على خطيئة فأنا أستحي منه أن يراني ، فتركوه ، ومضوا فناداهم النهر ، يا أيها العباد ، ما فعل صاحبكم ، قالوا: زعم [ لنا ] أن هاهنا من [ قد ] اطلع منه على خطيئة فهو يستحي منه أن يراه ، قال: يا سبحان الله ، إن بعضكم يغضب على ولده أو على بعض قراباته ، فإذا تاب ورجع إلى ما يحب أحبه ، وإن صاحبكم قد تاب ورجع إلى ما أحب ، فأنا أحبه .

فأتوه فأخبروه وعبدوا الله على شاطئ [ النهر ] فأخبروه ، فجاء معهم ، فأقاموا يعبدون الله زمانا ، ثم إن صاحب الفاحشة توفي ، فناداهم النهر: يا أيها العباد ، غسلوه من مائي ، وادفنوه على شاطئي حتى يبعث يوم القيامة من قربي ، ففعلوا ذلك به ، وقالوا: نبيت ليلتنا هذه على قبره لنبكي فإذا [ ص: 177 ] أصبحنا سرنا ، فباتوا على قبره يبكون .

فلما جاء وجه السحر غشيهم النعاس ، فأصبحوا وقد أثبت الله عز وجل على قبره اثنتي عشرة سروة ، وكان أول سرو أنبته الله عز وجل على وجه الأرض ، فقالوا: فما أنبت الله هذا الشجر في هذا المكان ، إلا وقد أحب عبادتنا فيه ، فأقاموا يعبدون الله على قبره ، كلما مات فيهم رجل دفنوه إلى جانبه ، حتى ماتوا بأجمعهم .

قال كعب : فكانت بنو إسرائيل يحجون إلى قبورهم رحمة الله عليهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية