الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

فأما صفة نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم فأخبرنا عبد الأول قال: أخبرنا المظفر قال: أخبرنا ابن أعين قال: أخبرنا الفربري قال: أخبرنا البخاري قال: أخبرنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أن الحارث بن هشام سأل النبي صلى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول" . قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا
.

قال مؤلفه : أخرجاه في الصحيحين .

وفيهما: من حديث يعلى بن أمية : أنه كان يقول لعمر رضي الله عنه: "ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي ، فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة جاءه رجل فسأله عن شيء فجاءه الوحي ، فأشار عمر إلى يعلى أن تعال ، فجاء يعلى فأدخل رأسه ، فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة ، ثم سري عنه .

[وقد] أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر [ ص: 355 ] قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أخبرنا أبو النضر قال: أخبرنا عبد الحميد قال: أخبرنا شهر قال: حدثني عبد الله بن عباس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء بيته بمكة جالس إذ مر به عثمان بن مظعون فتكشر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له رسول الله: "ألا تجلس" قال: بلى قال : فجلس ورسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبله ، فبينا هو يحدثه إذ شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء فنظر ساعة إلى السماء ، فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمينه في الأرض فتحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره ، وأخذ ينفض رأسه كأنه يستفقه ، ما يقول له وابن مظعون [ينظر] فلما قضى حاجته واستفقه ما يقال له شخص بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء كما شخص أول مرة ، فأتبعه بصره حتى توارى في السماء ، فأقبل عثمان بجلسته الأولى فقال: يا محمد ، فيما كنت أجالسك وآتيك؟ وما رأيتك تفعل كفعلك الغداة! قاله: "وما رأيتني فعلت؟" قال: رأيتك تشخص ببصرك إلى السماء ، ثم وضعته حيث وضعته على يمينك فتحرفت إليه وتركتني ، فأخذت تنفض رأسك كأنك تستفقه شيئا يقال لك . قال: "وفطنت لذلك؟" قال عثمان: نعم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتاني رسول الله آنفا وأنت جالس" قال: رسول الله؟ قال: نعم قال: فما قال لك؟ قال:

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون .

قال عثمان : فذلك حين استقر الإيمان في قلبي وأحببت [محمدا] رسول الله صلى الله عليه وسلم
. [ ص: 356 ]

أخبرنا محمد بن أبي طاهر قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا ابن حيويه قال أخبرنا بإسناده .

وقال أبو أروى الدوسي : رأيت الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه على راحلته فترغو وتفتل يديها حتى أظن أن ذراعها ينفصم ، فربما بركت وربما قامت مؤتدة يديها ، حتى يسرى [من ثقل الوحي ، ] وإنه لينحدر منه مثل الجمان . رواه ابن سعد .

قال: وأخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة قال:

كان إذا أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقذ لذلك ساعة كهيئة السكران .

التالي السابق


الخدمات العلمية