الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
منهم: جريج العابد :

أخبرنا الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: حدثني أبي قال: سمعت محمد بن سيرين يحدث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم قال: وكان في بني إسرائيل رجل [ عابد ] يقال له جريج ، فابتنى صومعة فتعبد فيها ، قال: فذكر بنو إسرائيل يوما عبادة [ ص: 157 ] جريج ، فقالت بغي منهم: لئن شئتم لأفتننه ، فقالوا: قد شئنا [ ذاك ] .

قال: فأتته ، فتعرضت له ، فلم يلتفت إليها فأمكنت نفسها من راع كان يؤوي [ غنمه ] إلى أصل صومعة جريج [ فحملت ] فولدت غلاما ، قالوا: ممن ، قالت: من جريج ، فأتوه فاستنزلوه وشتموه وضربوه وهدموا صومعته ، فقال: ما شأنكم ؟ قالوا: إنك زنيت بهذه البغي فولدت غلاما . قال: وأين هو هذا ؟ قالوا: هو هذا قال: فقام فصلى ودعا ، ثم انصرف إلى الغلام فطعنه بأصبعه ، فقال: يا غلام ، بالله من هو أبوك ؟ قال: أنا ابن الراعي ، فوثبوا إلى جريج . فجعلوا يقبلونه ، وقالوا له: نبني لك صومعتك من ذهب ، قال: لا حاجة لي في ذلك ابنوها من طين كما كانت .

قال: وبينما امرأة في حجرها ابن لها ترضعه إذ مر بها راكب ذو شارة ، فقالت: اللهم اجعل ابني مثل هذا . قال: فترك ثديها [ فأقبل على الراكب ] وقال: اللهم لا تجعلني مثله . قال: ثم عاد إلى ثديها .

قال أبو هريرة : فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي صنع الصبي وضع أصبعه في فيه ، فجعل يمصها ، ثم مرت بأمة تضرب ، فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثلها . قال: فترك ثديها ، وأقبل على الأمة وقال: اللهم اجعلني مثلها . قال: فذاك حين تراجعا الحديث ، فقالت: خلفي مر الراكب ذو الشارة ، فقلت [ اللهم ] اجعل ابني مثله ، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله ، ومر بهذه الأمة فقلت: لا تجعل ابني مثلها . [ فقلت: اللهم اجعلني مثلها ] فقال: يا أماه ، إن الراكب ذا الشارة جبار من الجبابرة ، وإن هذه الأمة يقولون زنت ولم تزن [ وسرقت ] ولم تسرق ، وهي تقول: حسبي الله
.

[ ص: 158 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية