الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4796 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن إسحق بن سويد عن أبي قتادة قال كنا مع عمران بن حصين وثم بشير بن كعب فحدث عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء خير كله أو قال الحياء كله خير فقال بشير بن كعب إنا نجد في بعض الكتب أن منه سكينة ووقارا ومنه ضعفا فأعاد عمران الحديث وأعاد بشير الكلام قال فغضب عمران حتى احمرت عيناه وقال ألا أراني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن كتبك قال قلنا يا أبا نجيد إيه إيه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن أبي قتادة ) : هو تميم بن نذير العدوي البصري . وقيل في اسمه غير ذلك ، والأول أشهر رضي الله عنه . ونذير بضم النون وفتح الذال المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وراء مهملة قاله المنذري ( وثم ) : بفتح المثلثة وتشديد الميم المفتوحة ظرف مكان ، وفي رواية مسلم وفينا بشير بن كعب ( بشير ) بالتصغير تابعي جليل ( الحياء خير كله أو قال الحياء كله خير ) : أو للشك .

                                                                      قال الحافظ : أشكل حمله على العموم لأنه قد يصد صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات ويحمله على الإخلال ببعض الحقوق .

                                                                      [ ص: 126 ] والجواب : أن المراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيا ، والحياء الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس حياء شرعيا ، بل هو عجز ومهانة ، وإنما يطلق عليه حياء لمشابهته للحياء الشرعي وهو خلق يبعث على ترك القبيح انتهى .

                                                                      ( أن منه ) : أي من الحياء ، ومن للتبعيض ( سكينة ووقارا ) : قال القرطبي : معنى كلام بشير أن من الحياء ما يحمل صاحبه على الوقار بأن يوقر غيره ويتوقر هو في نفسه ، ومنه ما يحمله على أن يسكن عن كثير مما يتحرج الناس فيه من الأمور التي لا تليق بذي المروءة ( ومنه ضعفا ) : بفتح الضاد وضمها لغتان أي كالحياء الذي يمنع عن طلب العلم ونحوه ( فغضب عمران ) : وسبب غضبه وإنكاره على بشير لكونه قال ومنه ضعفا بعد سماعه قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه خير كله وقيل إنما أنكره عليه من حيث إنه ساقه في معرض من يعارض كلام الرسول بكلام غيره .

                                                                      ( يا أبا نجيد ) : بضم النون وفتح الجيم وآخره دال مهملة وهو كنية عمران بن حصين ( إيه إيه ) : قال في القاموس : إيه بكسر الهمزة وإسكان الهاء زجر بمعنى حسبك ، وإيه مبنية على الكسر فإذا وصلت نونت ، وإيها بالنصب والفتح أمر بالسكوت . والمعنى والله أعلم يا أبا نجيد حسبك ما صدر منك من الغضب والإنكار على بشير فإنه منا ولا بأس به فاسكت ولا تزدد غضبا وإنكارا . وفي بعض النسخ إنه إنه أي صادق ، وفي بعضها إنه إنه ، وفي رواية مسلم يا أبا نجيد إنه لا بأس به .

                                                                      قال النووي : معناه ليس هو مما يتهم بنفاق أو زندقة أو بدعة أو غيرها مما يخالف به أهل الاستقامة . انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم بمعناه .




                                                                      الخدمات العلمية