الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      5018 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ) : يعني من أجزاء علم النبوة من حيث إن فيها إخبارا عن الغيب ، والنبوة غير باقية لكن علمها باق وقيل معناه تعبير الرؤيا كما أوتي ذلك يوسف عليه السلام .

                                                                      واعلم أن روايات العدد مختلفة في صحيح مسلم والمشهور منها من ستة وأربعين وفي رواية خمسة وأربعين ، وفي رواية من سبعين ، وكذا في غير مسلم مختلفة في رواية [ ص: 293 ] العباس من خمسين ، وفي رواية عبادة ( أربعة وأربعين وفي رواية ابن عباس من أربعين جزء وفي رواية له من تسعة وأربعين وفي رواية ابن عمر من ستة وعشرين قال الطبري هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائي فرؤيا الناس تكون من سبعين ورؤيا الصالح تكون من ستة وأربعين وهكذا تتفاوت على مراتب الصلاح كذا في شرح مسلم والمبارق شرح المشارق .

                                                                      وفي مرقاة الصعود قال الخطابي : معنى هذا الكلام تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده وقال بعضهم معناه أن الرؤيا تجيء على موافقة النبوة لأنها جزء باق من النبوة . وقال آخر معناه أنها جزء من أجزاء علم النبوة وعلم النبوة باق والنبوة غير باقية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبت النبوة وبقيت المبشرات الرؤيا الصالحة . انتهى .

                                                                      وقال الإمام ابن الأثير في النهاية : الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وإنما خص هذا العدد لأن عمر النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر الروايات الصحيحة كان ثلاثا وستين سنة ، وكانت مدة نبوته منها ثلاثا وعشرين سنة لأنه بعث عند استيفاء الأربعين ، وكان في أول الأمر يرى الوحي في المنام ودام ذلك نصف سنة ثم رأى الملك في اليقظة فإذا نسبت مدة الوحي في النوم وهي نصف سنة إلى مدة نبوته وهي ثلاث وعشرون سنة كانت نصف جزء من ثلاثة وعشرين جزءا وذلك جزء واحد من ستة وأربعين جزءا وقد تعاضدت الروايات في أحاديث الرؤيا بهذا العدد وجاء في بعضها جزء من خمسة وأربعين جزءا ، ووجه ذلك أن عمره صلى الله عليه وسلم لم يكن قد استكمل ثلاثا وستين ومات في أثناء السنة الثالثة والستين ونسبة نصف السنة إلى اثنتين وعشرين سنة وبعض الأخرى نسبة جزء من خمسة وأربعين جزءا ، وفي بعض الروايات جزء من أربعين ويكون محمولا على من روى أن عمره كان ستين سنة فيكون نسبة نصف سنة إلى عشرين سنة كنسبة جزء إلى أربعين ، ومنه الحديث الهدي الصالح جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة .

                                                                      أي إن هذه الخلال من شمائل الأنبياء ومن جملة الخصال المعدودة من خصالهم وأنها جزء معلوم من أجزاء أفعالهم فاقتدوا بهم فيها ، وليس المعنى أن النبوة تتجزأ ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة ويجوز أن يكون أراد بالنبوة ها هنا ما جاءت به النبوة ودعت إليه من الخيرات أي أن هذه الخلال جزء من خمسة وعشرين مما جاءت به النبوة ودعا إليه الأنبياء . انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية