الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ويقوم الذي يصلي على الرجل والمرأة بحذاء الصدر ) لأنه موضع القلب وفيه نور الإيمان فيكون القيام عنده إشارة إلى الشفاعة لإيمانه . وعن أبي حنيفة أنه يقوم من الرجل بحذاء رأسه ومن المرأة بحذاء وسطها لأن أنسا رضي الله عنه فعل كذلك وقال : هو السنة . قلنا تأويله أن جنازتها لم تكن منعوشة فحال بينها وبينهم .

التالي السابق


( قوله لأن أنسا فعل كذلك ) روي عن نافع أبي غالب قال : { كنت في سكة المربد فمرت جنازة معها ناس كثير ، قالوا : جنازة عبد الله بن عمير فتبعتها فإذا أنا برجل عليه كساء رقيق على رأسه خرقة تقيه من الشمس ، فقلت : من هذا الدهقان : قالوا : أنس بن مالك ، قال : فلما وضعت الجنازة قام أنس فصلى عليها وأنا خلفه لا يحول بيني وبينه شيء ، فقام عند رأسه وكبر أربع تكبيرات لم يطل ولم يسرع ، ثم ذهب يقعد فقالوا : يا أبا حمزة المرأة الأنصارية ، فقربوها وعليها نعش أخضر ، فقام عند عجيزتها فصلى عليها نحو صلاته على الرجل ثم جلس ، فقال العلاء بن زياد : يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنائز كصلاتك ، يكبر عليها أربعا ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة ، قال نعم } ، إلى أن قال أبو غالب : فسألت عن صنيع أنس في قيامه على المرأة عند عجيزتها فحدثوني أنه إنما كان لأنه لم تكن النعوش ، فكان يقوم حيال عجيزتها يسترها من القوم ، مختصر من لفظ أبي داود . ورواه الترمذي ونافع هو أبو غالب الباهلي الخياط البصري قال : ابن معين صالح وأبو حاتم شيخ ، وذكره ابن حبان في الثقات . قلنا : قد يعارض هذا بما روى [ ص: 127 ] أحمد أن أبا غالب قال : صليت خلف أنس على جنازة فقام حيال صدره . والمعنى الذي عقل في القيام حيال الصدر وهو ما عينه في الكتاب يرجح هذه الرواية ويوجب التعدية إلى المرأة ، ولا يكون ذلك تقديما للقياس على النص في المرأة لأن المروي كان بسبب عدم النعش فتقيد به والإلحاق مع وجوده ، وما في الصحيحين { أنه عليه الصلاة والسلام صلى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها } لا ينافي كونه الصدر بل الصدر وسط باعتبار توسط الأعضاء ، إذ فوقه يداه ورأسه وتحته بطنه وفخذاه ، ويحتمل أنه وقف كما قلنا ، إلا أنه مال إلى العورة في حقها فظن الراوي ذلك لتقارب المحلين




الخدمات العلمية