الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن صلى الظهر في رحله وحده صلى العصر في وقته ) عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى . وقالا : يجمع بينهما المنفرد لأن جواز الجمع للحاجة إلى امتداد الوقوف والمنفرد محتاج إليه [ ص: 471 ] ولأبي حنيفة رحمه الله أن المحافظة على الوقت فرض بالنصوص فلا يجوز تركه إلا فيما ورد الشرع به ، وهو الجمع بالجماعة مع الإمام والتقديم لصيانة الجماعة لأنه يعسر عليهم الاجتماع للعصر بعدما تفرقوا في الموقف لا لما [ ص: 472 ] ذكراه إذ لا منافاة ، ثم عند أبي حنيفة رحمه الله : الإمام شرط في الصلاتين جميعا . وقال زفر رحمه الله : في العصر خاصة لأنه هو المغير عن وقته ، وعلى هذا الخلاف الإحرام بالحج . ولأبي حنيفة رحمه الله أن التقديم على خلاف القياس عرف شرعه فيما إذا كانت العصر مرتبة على ظهر مؤدى بالجماعة مع الإمام في حالة الإحرام بالحج فيقتصر عليه ، ثم لا بد من الإحرام بالحج قبل الزوال في رواية تقديما للإحرام على وقت الجمع ، [ ص: 473 ] وفي أخرى يكتفي بالتقديم على الصلاة لأن المقصود هو الصلاة

التالي السابق


( قوله فرض بالنصوص ) لقوله تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } أي فرضا موقتا وفي حديث { من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر } ( قوله والتقديم إلخ ) لا حاجة إلى تعليل الجمع الوارد بأنه لصيانة الجماعة إبطالا لتعليلهما ، بل يكفي في بيان أنه لا يجوز ارتكابه في غير مورد من حالة الانفراد بيان ثبوته على خلاف القياس ، ثم إنه يتراءى أن ما أبداه سببا للجمع مناف لما ذكره آنفا من قوله ولهذا : أي لتحصيل مقصود الوقوف قدم العصر على وقته ، إلا أن يدعي أن ذلك خرج على قولهما لا قوله ثم ما عينه أولى لما ذكر من أنه لا منافاة : أي بين الوقوف والصلاة فإنه واقف بعرفة حال كونه نائما أو مغمى عليه فكيف لا يكون حال كونه [ ص: 472 ] مصليا .

وإن أراد الوقوف المتوجه فيه إلى الدعاء وكل ذلك فضيلة وامتداده وعدم تفريقه . قلنا تفريقه بالنوم والحديث ليس بمكروه وترك الجمعة مكروه لأنها واجبة أو في حكم الواجب على ما أسلفناه في باب الإمامة ، وعدم خروج الصلاة عن وقتها فرض ، فإذا ثبت بلا مرد إخراجها في صورة فالحكم بأنه لتحصيل واجب أو ما هو قريب منه أولى من جعله لتحصيل فضيلة ، ولذا لم يختلف فيه مع الجماعة بخلافه مع الانفراد فيه اختلاف روي عن ابن مسعود رضي الله عنه منعه ( قوله وعلى هذا الخلاف الإحرام بالحج ) الحاصل أن جواز الجمع مشروط عند أبي حنيفة بالإحرام بالحج في الصلاتين جميعا ، وعندهما في العصر فقط ، وبالجماعة فيهما عنده ، وهذا قول زفر رحمه الله أيضا غير أنه يشترطهما في العصر ليس غير ( قوله ولأبي حنيفة رحمه الله ) تقريره ظاهر .

وفي المبسوط وجه قول أبي حنيفة أن العصر في هذا اليوم كالتبع للظهر لأنهما صلاتان أديتا في وقت واحد والثانية مرتبة على الأولى فكانا كالعشاء مع الوتر . وينبغي أن يزاد بعد قوله صلاتان واجبتان . قال : ولما جعل الإمام شرطا في التبع كان شرطا في الأصل بطريق الأولى .

ودليل التبعية لغيره أنه لا يجوز العصر في هذا اليوم إلا بعد صحة الظهر ، حتى لو تبين لغيم أنهم صلوا الظهر قبل الزوال والعصر بعده لزمهم إعادة الصلاتين ، وكذا لو جدد الوضوء بين الصلاتين ثم ظهر أن الظهر صلى بغير وضوء لزمه إعادة الصلاتين ، بخلاف الوتر فيما تقدم لا يعيده عند الإمام . والفرق أن الوتر أداؤه في وقته بخلاف العصر ، ولما كان في لزوم الأولوية خفاء اقتصر المصنف على ما ذكره




الخدمات العلمية