الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 230 ] ( وإن مر ذمي بخمر أو خنزير عشر الخمر دون الخنزير ) وقوله عشر الخمر : أي من قيمتها . وقال الشافعي لا يعشرهما ; لأنه لا قيمة لهما . وقال زفر : يعشرهما لاستوائهما في المالية عندهم .

وقال أبو يوسف : يعشرهما إذا مر بهما جملة كأنه جعل الخنزير تبعا للخمر ، فإن مر بكل واحد على الانفراد عشر الخمر دون الخنزير . ووجه الفرق على الظاهر أن القيمة في ذوات القيم لها حكم العين والخنزير منها ، وفي ذوات الأمثال ليس لها هذا الحكم [ ص: 231 ] والخمر منها ، ولأن حق الأخذ للحماية والمسلم يحمي خمر نفسه للتخليل فكذا يحميها على غيره ولا يحمي خنزير نفسه بل يجب تسييبه بالإسلام فكذا لا يحميه على غيره

التالي السابق


( قوله أي من قيمتها ) فسر به كي لا يذهب الوهم إلى مذهب مسروق أنه يأخذ من عين الخمر ، وطريق معرفة قيمتها أن يرجع إلى أهل الذمة ( قوله تبعا للخمر ) دون العكس لأنها أظهر مالية لأنها قبل التخمر مال وبعده كذلك بتقدير التخلل وليس الخنزير كذلك ، ولهذا إذا عجز المكاتب ومعه حمر يصير ملكا للمولى لا الخنزير ، وكم من شيء يثبت تبعا لا قصدا كوقف المنقول ( قوله : إن القيمة في ذوات القيم لها حكم العين ) استشكل عليه مسائل : الأولى ما في الشفعة من قوله : إذا اشترى ذمي دارا بخمر أو خنزير وشفيعها مسلم أخذها بقيمة الخمر والخنزير .

ثانيها لو أتلف مسلم خنزير ذمي ضمن قيمته . ثالثها لو أخذ ذمي قيمة خنزيره من ذمي وقضى بها دينا لمسلم عليه طاب للمسلم ذلك . وأجيب عن [ ص: 231 ] الأخير بأن اختلاف السبب كاختلاف العين شرعا ، وملك المسلم بسبب آخر وهو قبضه عن الدين ، وعما قبله بأن المنع لسقوط المالية في العين ، وذلك بالنسبة إلينا لا إليهم فيتحقق المنع بالنسبة إلينا عند القبض والحيازة لا عند دفعها إليهم ; لأن غايته أن تكون كدفع عينها وهو تبعيد وإزالة فهو كتسييب الخنزير والانتفاع بالسرقين باستهلاكه ( قوله لا يحميه على غيره ) أورد عليه مسلم غصب خنزير ذمي فرفعه إلى القاضي يأمره برده عليه وذلك حماية على الغير أجيب بتخصيص الإطلاق : أي لا يحميه على غيره لغرض يستوفيه فخرج حماية القاضي




الخدمات العلمية