الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن كان له نصاب فاستفاد في أثناء الحول من جنسه ضمه إليه وزكاه به ) وقال الشافعي : لا يضم لأنه أصل في حق [ ص: 196 ] الملك فكذا في وظيفته ، بخلاف الأولاد والأرباح لأنها تابعة في الملك حتى ملكت بملك الأصل . ولنا أن المجانسة هي العلة في الأولاد والأرباح لأن عندهما يتعسر الميز فيعسر اعتبار الحول لكل مستفاد ، وما شرط الحول إلا [ ص: 197 ] للتيسير .

التالي السابق


( قوله فاستفاد في أثناء الحول من جنسه ) بميراث أو هبة أو شراء . وقال الشافعي : لا يضم بل يعتبر فيه حول على حدته ، فإذا [ ص: 196 ] تم الحول زكاه سواء كان نصابا أو أقل بعد أن يكون عنده نصاب من جنسه لقوله عليه الصلاة والسلام { من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول } وقوله عليه الصلاة والسلام { لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول } ، بخلاف الأولاد والأرباح لأنها متولدة من الأصل نفسه فينسحب حوله عليها وما نحن فيه ليس كذلك . قلنا : لو قدر تسليم ثبوته فعمومه ليس مرادا للاتفاق على خروج الأولاد والأرباح ، ودليل الخصوص مما يعلل ويخرج بالتعليل ثانيا فعللنا بالمجانسة فقلنا : إخراج الأولاد والأرباح من ذلك ووجوب ضمها إلى حول الأصل لمجانستها إياه لا للتولد ، فيجب أن يخرج المستفاد إذا كان مجانسا أيضا فيضم إلى ما عنده مما يجانسه ، وكان اعتبارنا أولى لأنه أدفع للحرج اللازم على تقدير قوله في أصحاب الغلة الذين يستغلون كل يوم درهما وأقل وأكثر فإن في اعتبار الحول لكل مستفاد من درهم ونحوه حرجا عظيما ، وشرع الحول للتيسير فسقط اعتباره ، ولو لم يتعرض لإبطال اعتباره جاز تعليل الأصل بعلتين ، وإحداهما تقتضي ما قلنا ، والأخرى أعني علته قاصرة على الأصل : أعني الأولاد والأرباح ، وعلى هذا لا حاجة إلى جعل اللام في الحول للحول المعهود قيامه للأصل كما في النهاية ، بل يكون للمعهود كونه اثني عشر شهرا كما قاله الشافعي ، غير أنه خص منه ما ذكرنا ، وهذا لأنه يعم المستفاد ابتداء وهو النصاب الأصلي : أعني أول ما استفاده وغيره ، والتخصيص وقع في غيره وهو المجانس وبقي تحت العموم الأصلي والذي لم يجانس ولا يصدق في الأصلي إلا إذا كان الحول مرادا به المعهود المقدر .

[ فرع ]

لا يضم إلى النقدين ثمن إبل مزكاة بأن كان له خمس من الإبل ومائتا درهم ، فزكى الإبل بعد الحول ثم باعها في أثناء الحول الآخر بدراهم لا يضمها إلى ما عنده عند أبي حنيفة ، وقالا : لا يضمها لوجود علة الضم وهي المجانسة . وله أنه بدل مال الزكاة ، وللبدل حكم المبدل ، فلو ضم لأدى إلى الثني . واتفقوا على ضم ثمن طعام أدى عشره ثم باعه وثمن أرض معشورة وثمن عبد أدى صدقة فطره ، أما عندهما فظاهر ، وأما عنده فلأن البدل [ ص: 197 ] ليس بدلا لمال الزكاة لأن العشر لا يجب باعتبار الملك ولهذا يجب في أرض الوقف والمكاتب ، والفطرة لا تتعلق بالمالية ولهذا تجب عن ولده ، وكذا لو باعها بعبد للتجارة وعنده ألف لا يضم عنده . ولو نوى الخدمة ثم باعه قيل يضم لأنه بنية الخدمة خرج عن مال الزكاة فلم يكن بدله بدل مال الزكاة ليؤدي إلى الثني ، ولو كان له نصابان نقدان مما لم يجب ضم أحدهما إلى الآخر كثمن إبل أدى زكاتها ونصاب آخر ثم وهب له ألف ضمت إلى أقربهما حولا من حين الهبة نظرا للفقراء . ولو ربح في أحدهما أو ولد أحدهما ضم إلى أصله لأن الترجيح بالذات أقوى منه بالحال




الخدمات العلمية