الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
يبين هذا أن الذي قاله أئمة أهل الكلام في الصفة يقال مثله في القدر، قال الأستاذ أبو المعالي: (ذهب قدماء المعتزلة إلى أن حقيقة الإله قدمه، وذلك أخص وصفه، وقال بعضهم: حقيقته وجوب وجوده، وقال أبو هاشم: [ ص: 379 ] أخص وصف الإله به حال هو عليها يوجب كونه حيا عالما قادرا ) قال (فهذا قول مبهم لا بيان له ). قال: (وأما أصحابنا فقال بعضهم: حقيقته تقدسه عن مناسبة الحوادث في جهات الاتصالات. وقال بعضهم: حقيقته غناه. وقال بعضهم: حقيقته قيامه بنفسه بلا نهاية ) قال: (وهذه العبارات تشير إلى نفي الحاجة. وقال الأستاذ -يعني أبا إسحاق - حقيقة الإله صفة تامة اقتضت له التنزه عن مناسبة الحدثان ). قال أبو المعالي: [ ص: 380 ] (وهذا أيضا فيه إبهام؛ لأنه يلقى من صفة النفي إثباتا ) قال (وحكى القاضي أبو جعفر السمناني عن القاضي أبي بكر حقيقة الإله لا سبيل إلى إدراكها هذا الأوان ) قال: (وسنعود إلى هذا في "كتاب الإدراكات" ) قال: (وكان شيخنا أبو القاسم القشيري يقول: هو الظاهر بآياته، الباطن فلا سبيل إلى درك حقيقته ). وقال الأستاذ أبو المعالي: (لا شك في ثبوت وجوده سبحانه وتعالى، فأما الموجود المرسل من غير اختصاص بصفة تميزه عن غيره فمحال؛ لكن ليس يتطرق إليها [ ص: 381 ] العقول، ولا هي علم هجمي ولا علم مبحوث عنه، إنا لا نقول: إن حقيقة الإله لا يصح العلم بها، فإنه سبحانه وتعالى يعلم حقيقة نفسه، وليس للمقدور الممكن من مزايا العقول عندنا موقف ينتهي إليه، ولا يمتنع في قضية العقل مزية لو وجدت لاقتضت العلم بحقيقة الإله ).

التالي السابق


الخدمات العلمية