الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6791 72 - حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، سمعت القاسم بن محمد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: وارأساه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك. فقالت عائشة: واثكلياه! والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذاك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وارأساه! لقد هممت - أو أردت - أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون. ثم قلت: يأبى الله ويدفع المؤمنون - أو يدفع الله ويأبى المؤمنون.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: " لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد... " إلى آخره، قال المهلب : فيه دليل قاطع على خلافة الصديق ، وهذا مما وعد به لأبي بكر رضي الله تعالى عنه فكان كما وعد، وذلك من أعلام نبوته.

                                                                                                                                                                                  وشيخ البخاري يحيى بن يحيى بن أبي بكر أبو زكريا التميمي الحنظلي وهو شيخ مسلم أيضا، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الطب.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وارأساه) هو قول المتفجع على الرأس من الصداع ونحوه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (لو كان ذاك) ؛ أي: موتك، والسياق يدل عليه، والواو في " وأنا حي " للحال.

                                                                                                                                                                                  قوله: (واثكلياه) ؛ أي: وافقدان المرأة ولدها، وهذا كلام كان يجري على لسانهم عند إصابة مصيبة أو خوف مكروه ونحو ذلك، ويروى: " واثكلتاه " بزيادة التاء المثناة من فوق في آخره، ويروى أيضا بزيادة الياء آخر الحروف وكسر اللام، ويروى: " واثكلاه " بلفظ الصفة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (لظللت) بالكسر؛ أي: دنوت وقربت في (آخر يومك) حال كونك (معرسا)، ويقال أظللت أمر وأظلك شهر كذا أي: دنا منك، وأظلك فلان إذا دنا منك كأنه ألقى عليك ظله. و " معرسا " بكسر الراء - من أعرس بأهله إذا بنى بها، ويقال: أعرس الرجل فهو معرس إذا [ ص: 279 ] دخل بامرأته عند بنائه بها.

                                                                                                                                                                                  قوله: (بل أنا وارأساه) ، هذا إضراب عن كلام عائشة ؛ أي: أضرب أنا عن حكاية وجع رأسك وأشتغل بوجع رأسي، إذ لا بأس بك وأنت تعيشين بعدي - عرفه بالوحي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أو أردت) شك من الراوي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إلى أبي بكر وابنه) ، قيل: ما فائدة ذكر الابن إذ لم يكن له دخل في الخلافة؟ وأجيب بأن المقام مقام استمالة قلب عائشة ؛ يعني كما أن الأمر مفوض إلى والدك كذلك الائتمار في ذلك بحضور أخيك، فأقاربك هم أهل أمري وأهل مشورتي، أو لما أراد تفويض الأمر إليه بحضورها أراد إحضار بعض محارمه حتى لو احتاج إلى رسالة إلى أحد أو قضاء حاجة لتصدى لذلك، ويروى " أو آتيه " من الإتيان، قاله في المطالع، قيل: إنه هو الصواب.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فأعهد) ؛ أي: أوصي بالخلافة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أن يقول) ؛ أي: كراهة أن يقول القائلون: الخلافة لي أو لفلان.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أو يتمنى المتمنون) ؛ أي: أو مخافة أن يتمنى أحد ذلك، أي: أعينه قطعا للنزاع والأطماع.

                                                                                                                                                                                  قوله: (يأبى الله) ؛ أي: يأبى الله الخلافة لغير أبي بكر ويدفع المؤمنون أيضا غيره.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أو يدفع الله ويأبى المؤمنون) شك من الراوي، وفي مسلم : " يأبى الله ويدفع المؤمنون إلا أبا بكر رضي الله تعالى عنه " .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية