الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو أسلم الزوج وهي مجوسية فتهودت أو تنصرت بقي نكاحها كما لو كانت في الابتداء كذلك ) لأنها كتابية مآلا ( والتفريق ) بينهما ( طلاق ) ينقص العدد ( لو أبى لا لو أبت ) [ ص: 190 ] لأن الطلاق لا يكون من النساء

التالي السابق


( قوله وهي مجوسية إلخ ) بخلاف عكسه ، وهو ما لو كانت نصرانية وقت إسلامه ثم تمجست فإنه تقع الفرقة بلا عرض عليها بحر عن المحيط . وظاهره وقوع الفرقة بلا تفريق القاضي لأنها صارت كالمرتدة تأمل ( قوله طلاق ينقص العدد ) أشار إلى أن المراد بالطلاق حقيقته لا الفسخ ، فلو أسلم ثم تزوجها يملك عليها طلقتين فقط عندهما .

وقال أبو يوسف : إنه فسخ ، ثم هذا الطلاق بائن قبل الدخول أو بعده . قال في النهاية : حتى لو أسلم الزوج لا يملك الرجعة . قال في البحر : وأشار بالطلاق إلى وجوب العدة عليها إن كان دخل بها لأن المرأة إن كانت مسلمة فقد التزمت أحكام الإسلام ومن حكمه وجوب العدة وإن كانت كافرة لا تعتقد وجوبها فالزوج مسلم والعدة حقه ، وحقوقنا لا تبطل بديانتهم وإلى وجوب النفقة في العدة إن كانت هي مسلمة لأن المنع من الاستمتاع جاء من جهته ، بخلاف ما إذا كانت [ ص: 190 ] كافرة وأسلم الزوج لأن المنع من جهتها . ولذا لا مهر لها إن كان قبل الدخول ا هـ .

أما لو أسلمت وأبى الزوج فلها نصف المهر قبل الدخول وكله بعده كما في كافي الحاكم . ثم قال في البحر : وأشار أيضا إلى وقوع طلاقه عليها ما دامت في العدة ، كما لو وقعت الفرقة بالخلع أو بالجب أو العنة كذا في المحيط . وظاهره أنه لا فرق في وقوع الطلاق عليها بين أن يكون هو الآتي أو هي . وظاهره ما في الفتح أنه خاص بما إذا أسلمت وأبى هو والظاهر الأول . ا هـ .

أقول : ما في الفتح صريح في الأول ، حيث قال : إذا أسلم أحد الزوجين الذميين وفرق بينهما بإباء الآخر فإنه يقع عليها طلاقه وإن كانت هي الآبية مع أن الفرقة فسخ وبه ينتقض ما قيل إذا أسلم أحد الزوجين لم يقع عليها طلاقه ا هـ نعم ظاهر ما في المحيط يفيد أنه خاص بما إذا كان هو الآبي وهو قوله كما لو وقعت الفرقة بالخلع إلخ لأنها فرقة من جانبه فتكون طلاقا ، ومعتدة الطلاق يقع عليها الطلاق ، أما لو كانت هي الآبية تكون الفرقة فسخا والفسخ رفع للعقد فلا يقع الطلاق في عدته نعم في البحر أول كتاب الطلاق أنه لا يقع في عدة الفسخ إلا في ارتداد أحدهما وتفريق القاضي بإباء أحدهما عن الإسلام وفي البزازية : وإذا أسلم أحد الزوجين لا يقع على الآخر طلاقه ، لكن قال الخير الرملي : إن هذا في طلاق أهل الحرب : أي فيما لو هاجر أحدهما إلينا مسلما لأنه لا عدة عليها .

قلت : إن هذا الحمل ممكن في عبارة البزازية دون عبارة طلاق البحر فليتأمل وسيأتي تمام الكلام على ذلك آخر باب الكنايات ( قوله لأن الطلاق لا يكون من النساء ) بل الذي يكون من المرأة عند القدرة على الفرقة شرعا هو الفسخ ، فينوب القاضي منابها فيما تملكه




الخدمات العلمية