الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا أضاف الطلاق إليها ) كأنت طالق ( أو ) إلى ( ما يعبر به عنها كالرقبة والعنق والروح والبدن والجسد ) الأطراف داخلة في الجسد دون البدن .

( والفرج والوجه والرأس ) وكذا الاست ، بخلاف البضع والدبر [ ص: 257 ] والدم على المختار خلاصة ( أو ) أضافه ( إلى جزء شائع منها ) كنصفها وثلثها إلى عشرها ( وقع ) لعدم تجزئه .

التالي السابق


( قوله كأنت طالق ) وكذا لو أتى بالضمير الغائب أو اسم الإشارة العائد إليها أو باسمها العلمي ونحو ذلك ، وأشار إلى أن المراد به ما يعبر به عن جملتها وضعا ، والمراد بقوله أو إلى ما يعبر به عنها ما يعبر به عن الجملة بطريق التجوز كرقبتك ، وإلا فالكل يعبر به عن الجملة كما في الفتح ، وهو أظهر مما في الزيلعي من أن الروح والبدن والجسد مثل أنت كما في البحر لأن الروح بعض الجسد وكذا الجسد باعتبار الروح والبدن لا تدخل فيه الأطراف ، أفاده في النهر ( قوله كالرقبة إلخ ) فإنه عبر بها عن الكل في قوله تعالى { فتحرير رقبة } والعنق في { فظلت أعناقهم لها خاضعين } لوصفها بجمع المذكر الموضوع للعاقل والعقل للذوات لا للأعضاء ، والروح في قولهم : هلكت روحه أي نفسه ، ومثلها النفس كما في { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } ( قوله الأطراف إلخ ) أي اليدان والرجلان والرأس ، وهذه التفرقة بين الجسد والبدن عزاها في النهر إلى ابن كمال في إيضاح الإصلاح ، وعزاها الرحمتي إلى الفائق للزمخشري والمصباح ، ورأيت في فصل العدة من الذخيرة قال محمد : والبدن هو من أليتيه إلى منكبيه . ( قوله والفرج ) عبر عن الكل في حديث { لعن الله الفروج على السروج } قال في الفتح إنه حديث غريب جدا ( قوله والوجه والرأس ) في قوله تعالى { كل شيء هالك إلا وجهه } { ويبقى وجه ربك } أي ذاته الكريمة ، وأعتق رأسا ورأسين من الرقيق ، وأنا بخير ما دام رأسك سالما ، يقال مراده به الذات أيضا فتح . قال في البحر : وفي الفتح من كتاب الكفالة : ولم يذكر محمد ما إذا كفل بعينه قال البلخي : لا يصح كما في الطلاق إلا أن ينوي به البدن والذي يجب أن يصح في الكفالة والطلاق إذ العين مما يعبر به عن الكل ، يقال : عين القوم ، وهو عين في الناس ، ولعله لم يكن معروفا في زمانهم أما زماننا فلا شك في ذلك . ا هـ . ( قوله وكذا الاست إلخ ) قال في البحر : فالاست وإن كان مرادفا للدبر لا يلزم [ ص: 257 ] مساواتهما في الحكم لأن الاعتبار هنا لكون اللفظ يعبر به عن الكل ، ألا ترى أن البضع مرادف للفرج وليس حكمه هنا كحكمه في التعبير . ا هـ . والحاصل أن الاست والفرج يعبر بهما عن الكل فيقع إذا أضيف إليهما ، بخلاف مرادف الأول وهو الدبر ومرادف الثاني وهو البضع فلا يقع لعدم التعبير بهما عن الكل ، ولا يلزم من الترادف المساواة في الحكم لكن أورد في الفتح أنه إن كان المعتبر اشتهار التعبير يجب أن لا يقع بالإضافة إلى الفرج : أي لعدم اشتهار التعبير به عن الكل ، وإن كان المعتبر وقوع الاستعمال من بعض أهل اللسان يجب أن يقع في اليد بلا خلاف لثبوت استعمالها في الكل في قوله تعالى { ذلك بما قدمت يداك } أي قدمت ، وقوله صلى الله عليه وسلم { على اليد ما أخذت حتى ترد } ا هـ . قلت : قد يجاب بأن المعتبر الأول ، لكن لا يلزم اشتهار التعبير به عن الكل عند جميع الناس بل في عرف المتكلم في بلده مثلا ، فيقع بالإضافة إلى اليد إذا اشتهر عنده التعبير بها عن الكل ، ولا يقع بالإضافة إلى الفرج إذا لم يشتهر ثم رأيت في كلام الفتح ما يفيد ذلك حيث قال : ووقوعه بالإضافة إلى الرأس باعتبار كونه معبرا به عن الكل لا باعتبار نفسه مقتصرا ، ولذا لو قال الزوج عنيت الرأس مقتصرا . قال الحلواني : لا يبعد أن يقال : لا يقع لكن ينبغي أن يكون ذلك ديانة . وأما في القضاء إذا كان التعبير به عن الكل عرفا مشتهرا لا يصدق ، ولو قال عنيت باليد صاحبتها كما أريد ذلك في الآية والحديث وتعارف قوم التعبير بها عن الكل وقع لأن الطلاق مبني على العرف ، ولذا لو طلق النبطي بالفارسية يقع ولو تكلم به العربي ولا يدريه لا يقع ا هـ فقد قيد الوقوع قضاء في الإضافة إلى الرأس أو اليد بما إذا كان التعبير به عن الكل متعارفا ، وصرح أيضا بقوله وتعارف قوم التعبير بها أي باليد ، فأفاد عند عدم تعارف ذلك عندهم لا يقع مع أن التعبير بالرأس واليد عن الكل ثابت لغة وشرعا والله تعالى أعلم ( قوله والدم ) كان المناسب إسقاطه حيث ذكر في محله فيما سيأتي ، وأما ذكر البضع والدبر هنا فلذكر مرادفهما ح ( قوله كنصفها وثلثها إلى عشرها ) وكذا لو أضافه إلى جزء من ألف جزء منها كما في الخانية لأن الجزء الشائع محل لسائر التصرفات كالبيع وغيره هداية قال ط ( إلا أنه يتجزأ في غير الطلاق ) . وقال شيخي زاده : أنه يقع في ذلك الجزء ثم يسري إلى الكل لشيوعه فيقع في الكل ( قوله لعدم تجزئه ) علة لقوله أو إلى جزء شائع منها ط ، وفيه أنه يلزم منه وقوع الطلاق بالإضافة إلى الأصبع مثلا ، فالمناسب التعليل بما ذكرناه آنفا عن الهداية




الخدمات العلمية