الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفرع عليه ( فلو نكحها ثانيا وثالثا ومضت المدتان بلا فيء ) أي قربان ( بانت بأخريين ) والمدة من وقت التزوج [ ص: 428 ] ( فإن نكحها بعد زوج آخر لم تطلق ) لانتهاء هذا الملك ، بخلاف ما لو بانت بالإيلاء بما دون ثلاث ، أو أبانها تنجيز الطلاق ثم عادت بثلاث يقع بالإيلاء خلافا لمحمد كما مر في مسألة الهدم ( وإن وطئها ) بعد زوج آخر ( كفر ) لبقاء اليمين للحنث .

( والله لا أقربك شهرين وشهرين بعد هذين الشهرين ) إيلاء ( لتحقق ) المدة . .

التالي السابق


( قوله : وفرع عليه فلو نكحها ) أي فرع هذا الكلام ، وضمير عليه لقوله لا لو كان مؤبدا . وأفاد أنه لا يتكرر الطلاق بدون تزوج لعدم منع حقها ، وقيل لو بانت بمضي أربعة أشهر بالإيلاء ثم مضت أربعة أخرى وهي في العدة وقعت أخرى ، فإن مضت أربعة أخرى وهي في العدة وقعت أخرى ، والأول أصح لأن وقوع الطلاق جزاء الظلم ، وليس للمبانة حق فلا يكون ظالما كما في الزيلعي ، ووافقه في الفتح والبحر والنهر ، وعليه المتون ( قوله : والمدة من وقت التزوج ) سواء كان التزوج في العدة ، أو بعد انقضائها قال في النهر : واختلف في اعتبار ابتداء مدته . ففي الهداية : وعليه جرى في الكافي أنها من وقت التزوج .

[ ص: 428 ] وقيد في النهاية والعناية تبعا للتمرتاشي والمرغيناني بما إذا كان التزوج بعد انقضاء العدة . فإن كان فيها اعتبر ابتداؤه من وقت الطلاق . قال الزيلعي : وهذا لا يستقيم إلا على قول من قال بتكرر الطلاق قبل التزوج وقد مر ضعفه قال في الفتح : فالأول الإطلاق كما في الهداية ح ( قوله : فإن نكحها ) أي المولي الذي انتهى ملكه بالثلاث ح أي نكحها قبل أن تتزوج بغيره وكذا بعده ولكنها مسألة الهدم الآتية ( قوله : لانتهاء هذا الملك ) فهذه المسألة فرع ما إذا علق طلاقها بالدخول مثلا ثم نجز الثلاث فتزوجت بغيره ثم أعادها فدخلت لا تطلق خلافا لزفر ، وكذا لو آلى منها ثم طلقها ثلاثا بطل الإيلاء ، حتى لو مضت أربعة أشهر وهي في العدة لم يقع الطلاق خلافا لزفر ، ولو تزوجها بعد زوج آخر في الإيلاء المؤبد لا يعود الإيلاء خلافا له فتح ( قوله : بتنجيز الطلاق ) أي بتنجيز طلقة أو طلقتين ح ( قوله : ثم عادت بثلاث ) بأن تزوجها بعد زوج آخر بناء على قولهما إن الزوج الثاني يهدم ما دون الثلاث ويثبت حلا جديدا فتعود للأول بثلاث لا بما بقي ( قوله : يقع بالإيلاء ) الضمير عائد إلى الثلاث باعتبار معنى الطلاق الثلاث . والأولى أن يقول " تقع " - بالتاء الفوقية - يعني تطلق كلما مضى عليها أربعة أشهر لم يجامعها فيها حتى تبين بثلاث ، كذا قال في الفتح والنهر والتبيين قلت : ولا بد من تقييده بأن يتزوجها بعد كل مدة على ما هو الأصح ليكون الطلاق جزاء الظلم كما مر وكأنهم أطلقوه هنا لقرب العهد فتأمل ( قوله : خلافا لمحمد ) فعنده لا تقع الثلاث بل ما بقي من واحدة ، أو ثنتين بناء على قوله إن الثاني لا يهدم ما دون الثلاث كما مر قبيل هذا الباب ومر اعتماد قوله .

( قوله : بعد زوج آخر ) مكرر بما ذكره المصنف قبل ، وكان الأولى للمصنف في التعبير أن يقول وكفر إن وطئ ليكون عطفا على جواب الشرط ، وهو قوله : لم تطلق ( قوله : لبقاء اليمين للحنث ) أي لحق الحنث وإن لم تبق في حق الطلاق فصار كما لو قال لأجنبية : لا أقربك لا يكون بذلك موليا ، وتجب الكفارة إذا قربها زيلعي ( قوله : بعد هذين الشهرين ) قيد اتفاقي لأنه لو قال شهرين وشهرين كان الحكم كذلك كما صرح به في التبيين ح ومثله في الفتح والبحر ( قوله : لتحقق المدة ) أي أربعة أشهر ولهذا لو قال : لا أكلم فلانا يومين ويومين كان كقوله لا أكلمه أربعة أيام ، والأصل في جنس هذه المسألة أنه متى عطف من غير إعادة حرف النفي ولا تكرار اسم الله تعالى يكون يمينا واحدا ، ولو أعاد حرف النفي أو كرر اسم الله تعالى يكون يمينين وتتداخل مدتهما . بيانه لو قال : والله لا أكلم زيدا يومين ولا يومين يكون يمينين ومدتهما واحدة ، حتى لو كلمه في اليوم الأول ، أو الثاني يحنث فيهما ويجب عليه كفارتان ، وإن كلمه في اليوم الثالث لا يحنث لانقضاء مدتهما ، وكذا لو قال : والله لا أكلم زيدا يومين ، والله لا أكلم زيدا يومين ; لما ذكرنا ، ولو قال : والله لا أكلمه [ ص: 429 ] يومين ويومين كان يمينا واحدا ومدته أربعة أيام ، حتى لو كلمه فيهما تجب عليه كفارة واحدة ، وعلى هذا لو قال : والله لا أكلمه يوما ويومين كانت يمينا واحدة إلى ثلاثة أيام ، حتى لو كلمه فيها تجب كفارة واحدة ، ولو قال : والله لا أكلمه يوما ولا يومين أو قال والله لا أكلمه يوما والله لا أكلمه يومين يكون يمينين فمدة الأولى يوم ومدة الثانية يومان ، حتى لو كلمه في اليوم الأول يجب عليه كفارتان وفي اليوم الثاني كفارة واحدة ، ولو كلمه في اليوم الثالث لا يحنث لانقضاء مدتهما ، وعلى هذا لو قال : والله لا أقربك شهرين ولا شهرين ، أو قال : والله لا أقربك شهرين والله لا أقربك شهرين لا يكون موليا لأنهما يمينان فتتداخل مدتهما ، حتى لو قربها قبل مضي شهرين تجب عليه كفارتان ، ولو قربها بعد مضيهما لا يجب عليه شيء لانقضاء مدتهما زيلعي .

قلت : وحاصله أنه يحكم بتعدد اليمين بإعادة حرف النفي ، أو بتكرار اسم الله تعالى ، ومتى كانت اليمين متعددة كانت المدة متحدة : أي تكون المدة في اليمين الأولى داخلة في مدة اليمين الثانية ، ومتى كانت اليمين متحدة كانت المدة متعددة : أي تكون المدة الثانية غير الأولى ، وقد تتعدد المدة مع تعدد اليمين بأن نص على مغايرة المدة المدة فيجب في كل مدة كفارة واحدة كما يأتي في المسألة الثانية .




الخدمات العلمية