الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو أدى عنه غيره تبرعا ) أو أمر غيره بالأداء فأدى ( لا ) يعتق [ ص: 677 ] ; لأن الشرط أداؤه ولم يوجد . ( كما ) لا يعتق ( لو ) قيد بدراهم فأدى دنانير أو بكيس أبيض فدفع في كيس أسود أو بهذا الشهر فدفع في غيره أو ( حط عنه البعض بطلبه وأدى الباقي ) وكذا لو أبرأه ( أو مات المولى وأداه إلى الورثة ) لعدم الشرط بل العبد بإكسابه للورثة كما لو مات العبد قبل الأداء فتركته لمولاه بل له أخذ ما ظفر به أو ما فضل عنده من كسبه ، ولو أدى من كسبه قبل التعليق عتق ورجع السيد بمثله عليه ( وتعلق أداؤه بالمجلس ) إن علق بإن وبإذا لا ، ولا يتبعه أولاده ، بخلاف المكاتب في الكل ( وهو ) أي المال ( دين صحيح يصح التكفيل به ) بخلاف بدل الكتابة [ ص: 678 ] فإنه لا تصح الكفالة به ، وهذه الموفية عشرون .

التالي السابق


( قوله أو أمر غيره بالأداء إلخ ) مثله ما إذا أدى مديون العبد عنه كما لا يخفى ، فلو أسقط التبرع كان أخصر وأعم ح .

قلت : وفيه أن أداء المديون دينا على دائنه إن كان بأمره برئ المديون وإلا فهو متبرع ، فمسألة مديون العبد لم تخرج عن أحدهما ، نعم لو أسقط متبرعا استغنى عن قوله أو أمر غيره هذا . وقد نقل في البحر مسألة الأمر عن المحيط ، ثم نقله بعد ورقة عن البدائع : لو قال لعبدين له إن أديتما إلي ألفا فأنتما حران فأدى أحدهما حصته لم يعتق أحدهما ; لأنه علق العتق بأداء الألف ولم يوجد وكذا لو أدى أحدهما الألف كله من عنده ، وإن أدى أحدهما الألف وقال خمسمائة من عندي وخمسمائة بعث بها صاحبي ليؤديها إليك عتقا لوجود الشرط حصة أحدهما بطريق الأصالة وحصة الآخر بطريق النيابة ; لأن هذا باب تجري فيه النيابة فقام أداؤه مقام أداء صاحبه . ا هـ .

قال وبين النقلين تناف ، إلا أن يوفق بأن ما في المحيط إنما هو في الأمر من غير إعطاء شيء من العبد . وما في البدائع [ ص: 677 ] فيما إذا بعث مع غيره المال فلا إشكال . ا هـ . ( قوله ; لأن الشرط أداؤه ) لما مر من أنه صريح في تعليق العتق بالأداء ، بخلاف الكتابة فإنها معاوضة حقيقة فيها معنى التعليق ، فكان المقصود منها حصول البدل ( قوله أو حط عنه البعض بطلبه ) الظاهر أنه إنما قيد بالطلب ; لأن الحط يلتحق بأصل العقد ، فإذا لم يلتحق هنا بتراضيهما لا يلتحق بدونه بالأولى أفاده السائحاني ، وهذا بخلاف مال الكتابة فإنه مال واجب شرعا ; لأنها عقد معاوضة ، أما هنا فغير واجب بل هو شرط للعتق وشرط العتق لا يحتمل الحط ذخيرة ( قوله وكذا لو أبرأه ) أي عن البعض أو عن الكل لا يبرأ ولا يعتق ، بخلاف المكاتب جوهرة . واعترض في البحر تبعا للفتح بأن الفرق إنما يكون بعد تحقيق الإبراء في الوضعين ، والإبراء لا يتصور في مسألة التعليق ; لأنه لا دين على العبد بخلاف الكتابة . ا هـ ومثله يقال في الحط ، لكن قال ح : ويمكن أن يجاب بأنه يكفي في الفرق عتق المكاتب إذا قال له مولاه أبرأتك عن بدل الكتابة لصحة الإبراء عنه ; لأنه دين وعدم عتق المعلق عتقه على الأداء إذا أبرأه مولاه لعدم صحة الإبراء ( قوله وأداه إلى الورثة ) أي أدى المال المعلق عليه العتق ( قوله لعدم الشرط ) علة للمسائل الست المذكورة في قوله كما لا يعتق إلخ ( قوله بل العبد بأكسابه للورثة ) أي فلهم بيعه وأخذ كسبه ، بخلاف المكاتب ، وهذه المسألة عدها في البحر وغيره من جملة المسائل ، ولو عدت هنا لزادت على العشرين ; لأنها الرابعة عشر ، ولعل الشارح لم يعد منها قوله وعتق بالتخلية لما مر فتكون هذه الثالثة عشر فافهم .

( قوله بل له أخذ ما ظفر به ) أي من كسب العبد قبل أداء البدل ، وقوله أو ما فضل عنده : أي بعد أداء البدل . وحاصله أن للسيد أخذ ما ظفر به مما في يد العبد قبل عتقه بأداء البدل وبعده ، بخلاف المكاتب في الصورتين كما في البحر ( قوله ولو أدى من كسبه قبل التعليق ) أي مما اكتسبه قبل التعليق عتق ، بخلاف الكتابة فإنه لا يعتق بأدائه ; لأنه ملك المولى إلا أن يكون كاتبه على نفسه وماله فإنه حينئذ يكون أحق به من سيده ، فإذا أدى منه عتق بحر ، وقوله قبل التعليق متعلق بكسبه ، وقيد به لما في البحر عن الهداية : لو أدى ألفا اكتسبها قبل التعليق رجع المولى عليه وعتق لاستحقاقها ، ولو كان اكتسبها بعده لم يرجع عليه ; لأنه مأذون من جهته بالأداء منه . ا هـ ( قوله وتعلق أداؤه ) في بعض النسخ وتقيد أداؤه بالمجلس : أي فلا يعتق ما لم يؤد في ذلك المجلس ، فلو اختلف بأن أعرض أو أخذ في عمل آخر فأدى لا يعتق ، بخلاف الكتابة فتح ( قوله وبإذا لا ) أي لا يتقيد بالمجلس ، ومثلها متى كما في الفتح ; لأنهما لعموم الأوقات كما مر في الطلاق ( قوله ولا يتبعه أولاده ) أي لو كان المعلق عتقه بأدائه أمة فولدت ثم أدت فعتقت لم يعتق ولدها ; لأنه ليس لها حكم الكتابة وقت الولادة ، بخلاف الكتابة فتح .

( قوله دين صحيح يصح التكفيل به ) فيه أنه قبل الأداء لا دين ; لأن السيد لا يستوجب على عبده دينا وبعد الأداء لا دين أيضا ، فلا معنى لهذا الكلام ، بل ذكر هذه المسألة غلط هنا ، ومحلها أول الباب عند قول المتن أعتق عبده على مال فقبل العبد في المجلس عتق كما فعل في البحر ، حيث قال : فإذا قبل صار حرا ، وما شرط دين عليه حتى تصح الكفالة به ، بخلاف بدل [ ص: 678 ] الكتابة ; لأنه ثبت مع المنافي وهو قيام الرق على ما عرف . ا هـ . ح والكفالة لا تصح إلا بالدين الصحيح وهو ما لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء ، وبدل الكتابة يسقط بغيرهما وهو التعجيز ( قوله وهذه الموفية عشرون ) صوابه عشرين على أنه مفعول الموفية ح وقد علمت أن هذه المسألة ساقطة ; لأنها ليست من مسائل التعليق على مال ، فالموفي للعشرين ما في الذخيرة .




الخدمات العلمية