الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو حلف لا يأكل من هذه الحنطة أو لا يأكل هذه الحنطة فإن عنى بها أن لا يأكلها حبا كما هي فأكل من خبزها أو من سويقها لم يحنث وإنما يحنث إذا قضمها وإن لم تكن له نية فكذلك عند أبي حنيفة .

                                                                                                                                وقال أبو يوسف ومحمد يحنث وهل يحنث عندهما إذا أكل عينها ؟ ذكر محمد في الأصل عنهما ما يدل على أنه لا يحنث لأنه قال فيه إن اليمين تقع على ما يصنع الناس وذكر عنهما في الجامع الصغير ما يدل على أنه يحنث فإنه قال .

                                                                                                                                وقال أبو يوسف ومحمد إن أكلها خبزا حنث أيضا فهذا يدل على أنه إذا قضمها يحنث عندهما كما يحنث إذا أكلها خبزا وجه قولهما أن المتعارف في إطلاق أكل الحنطة أكل المتخذ منها وهو الخبز لا أكل عينها يقال فلان يأكل من حنطة كذا أي من خبزها ومطلق الكلام يحمل على المتعارف خصوصا في باب الأيمان وجه في قول أبي حنيفة رضي الله عنه أن اسم الحنطة لا يقع على الخبز حقيقة لأنها اسم لذات مخصوصة مركبة فيزول الاسم بزوال التركيب حقيقة فالحمل على الخبز يكون حملا على المجاز فكان صرف الكلام إلى الحقيقة أولى وأما قولهما : إن مطلق الكلام يحمل على المتعارف فنعم لكن على المتعارف عند أهل اللسان وهو المتعارف في الاستعمال اللغوي كما يقول مشايخ العراق لا على المتعارف من حيث الفعل كما يقول مشايخ بلخ بدليل أنه لو حلف لا يأكل لحما فأكل لحم الآدمي أو الخنزير يحنث وإن لم يتعارف أكله لوجود التعارف في الاسم واستعمال اسم الحنطة في مسماها متعارف عند أهل اللسان إلا أنه يقل استعماله فيه لكن قلة الاستعمال فيه لقلة محل الحقيقة وهذا لا يوجب الحمل على المجاز كما في لحم الآدمي ولحم الخنزير على أن المتعارف فعل ثابت في الجملة لأن الحنطة تطبخ وتقلى فتؤكل مطبوخا وقليا وإن لم يكن في الكثرة مثل أكلها خبزا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية