الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وإن كانت صغيرة فجاءت بولد فالأمر لا يخلو من ثلاثة أوجه : إما إن كانت أقرت بانقضاء العدة بعد مضي ثلاثة أشهر ، وإما إن كانت لم تقر ولكنها أقرت أنها حامل في مدة العدة وهي الثلاثة الأشهر ، وإما إن سكتت ، وكل وجه على وجهين : إما إن كان الطلاق بائنا وإما إن كان رجعيا .

                                                                                                                                فإن كانت أقرت بانقضاء العدة عند مضي ثلاثة أشهر ثم جاءت بولد فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر منذ أقرت ثبت النسب وإن جاءت به لستة أشهر أو أكثر لا يثبت ; لأن إقرار الصغيرة [ ص: 214 ] بانقضاء عدتها مقبول في الظاهر ; لأنها أعرف بعدتها من غيرها ، ولهذا لو أقرت بالبلوغ يقبل إقرارها غير أنها لما جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فقد ظهر كذبها في إقرارها ; لأنه تبين أنها كانت معتدة وقت الإقرار فألحق إقرارها بالعدم .

                                                                                                                                وإذا جاءت به لستة أشهر فصاعدا لم يظهر كذبها في إقرارها لجواز أنها تزوجت بعد انقضاء عدتها وهذا الولد منه ، والطلاق البائن والرجعي في هذا الوجه سواء ، وإن لم تكن أقرت بانقضاء العدة ولكنها أقرت بالحمل في مدة العدة فإن كان الطلاق بائنا يثبت النسب إلى سنتين من وقت الطلاق وإن كان رجعيا يثبت إلى سبعة وعشرين شهرا ; لأنها لما أقرت بالحمل في مدة العدة فقد حكمنا ببلوغها فصار حكمها حكم البالغة فإذا جاءت بولد يثبت النسب إلى سنتين من وقت الطلاق ، وإن كان الطلاق بائنا لما مر أنه يحكم بالعلوق قبل الطلاق فإذا جاءت به لأكثر من سنتين لا يثبت لأنه يحمل على علوق حادث بعد الطلاق وإن كان الطلاق رجعيا يثبت النسب إلى سنتين وثلاثة أشهر ; لأنه ظهر أن العلوق كان في العدة وعدتها ثلاثة أشهر والمعتدة من طلاق رجعي إذا علقت في العدة يصير الزوج مراجعا لها ، وإن جاءت به لأكثر من سبعة وعشرين شهرا لا يثبت النسب ; لأنه تبين أن العلوق كان بعد مضي الثلاثة الأشهر ولأن الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين فلا يصير مراجعا لها ، وإن لم يقر بشيء اختلف فيه قال أبو حنيفة ومحمد : سكوتها كإقرارها بانقضاء العدة أنها إن جاءت لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق يثبت النسب وإن جاءت به لستة أشهر أو أكثر لا يثبت سواء كان الطلاق بائنا أو رجعيا .

                                                                                                                                وقال أبو يوسف : سكوتها كإقرارها بالحمل أو دعوى الحمل أنه إن كان الطلاق بائنا يثبت النسب إلى سنتين وإن كان رجعيا يثبت إلى سبعة وعشرين شهرا .

                                                                                                                                وجه قوله أن المراهقة يحتمل أن تكون عدتها بوضع الحمل لاحتمال أنها حبلت ولم تعلم بذلك فما لم تقر بانقضاء عدتها لا يحكم بالانقضاء كالمتوفى عنها زوجها ، ولهما أن عدة الصغيرة ذات جهة واحدة وهي ثلاثة أشهر على اعتبار الأصل إذ الأصل فيها عدم البلوغ فكان انقضاؤها بانقضاء ثلاثة أشهر كإقرارها بانقضاء عدتها ، ولو أقرت بانقضاء عدتها كان الجواب ما ذكرنا .

                                                                                                                                كذا هذا بخلاف المتوفى عنها زوجها أنه لا يحكم بانقضاء عدتها بمضي الشهور ; لأن عدتها ذات جهتين يحتمل أن تكون بالشهور ويحتمل أن تكون بوضع الحمل فما لم تقر بانقضاء العدة لا يحكم بأحد الأمرين هذا الذي ذكرنا حكم المعتدة عن طلاق وكل جواب عرفته في المعتدة من طلاق فهو الجواب في المعتدة من غير طلاق من أسباب الفرقة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية