الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الإضافة إلى الوقت فالزوج لا يخلو إما أن أضاف الطلاق إلى الزمان الماضي وإما أن أضافه إلى الزمان المستقبل ، فإن أضافه إلى الزمان الماضي ينظر : إن لم تكن المرأة في ملكه في ذلك الوقت لا يقع الطلاق ، وإن كانت في ملكه يقع الطلاق للحال وتلغو الإضافة ، بيانه ما إذا قال لامرأته : أنت طالق قبل أن أتزوجك لا يقع الطلاق ; لأن تصحيح كلامه بطريق الإخبار ممكن ; لأن المخبر به على ما أخبر ولا يمكن تصحيحه بطريق الإنشاء إلا بإبطال الإسناد إلى الماضي فكان التصحيح بطريق الإخبار .

                                                                                                                                ولو قال لها : أنت طالق أمس فإن كان تزوجها اليوم لا يقع لما قلنا وإن كان تزوجها أول من أمس يقع [ ص: 133 ] الساعة ; لأنه حينئذ تعذر تصحيحه بطريق الإخبار لانعدام المخبر به فيكون كذبا فيصحح بطريق الإنشاء ، ثم تعذر تصحيحه إنشاء الإضافة ; لأن إسناد الطلاق الموجود للحال إلى الزمان الماضي محال فبطلت الإضافة واقتصر الإنشاء على الحال فيقع الطلاق للحال .

                                                                                                                                ولو قال لأجنبية : أنت طالق إذا تزوجتك قبل أن أتزوجك ثم تزوجها وقع الطلاق ; لأنه أوقع الطلاق بعد التزوج ثم أضاف الواقع إلى ما قبل التزوج فوقع الطلاق ولغت الإضافة ، وكذلك إذا قال : أنت طالق قبل أن أتزوجك إذا تزوجتك فتزوجها يقع الطلاق ، ويلغو قوله : قبل أن أتزوجك ، ولو قدم ذكر التزويج فقال : إذا تزوجتك فأنت طالق قبل أن أتزوجك أو قبل ذلك ثم تزوجها يقع الطلاق عند أبي يوسف ، وعند محمد لا يقع .

                                                                                                                                وجه قول محمد أن المعلق بالشرط يصير كالمنجز عند وجود الشرط فيصير قائلا عند التزويج أنت طالق قبل أن أتزوجك ، ولو نص على ذلك لا يقع كذا هذا .

                                                                                                                                وجه قول أبي يوسف أنه أوقع الطلاق بعد التزوج ثم أضاف الواقع إلى زمان ما قبل التزوج فتلغو الإضافة ويبقى الواقع علي حاله والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية