الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو حلف لا يأكل من هذا الكفرى شيئا فصار بسرا أو لا يأكل من هذا البسر شيئا فصار رطبا أو لا يأكل من هذا الرطب شيئا فصار تمرا أو لا يأكل من هذا العنب شيئا فصار زبيبا فأكله أو حلف لا يأكل من هذا اللبن شيئا فأكل من جبن صنع منه أو مصل أو أقط أو شيراز أو حلف لا يأكل من هذه البيضة فصارت فرخا فأكل من فرخ خرج منها أو حلف لا يذوق من هذه الخمر شيئا فصارت خلا لم يحنث في جميع ذلك .

                                                                                                                                والأصل أن اليمين متى تعلقت بعين تبقى ببقاء العين وتزول بزوالها والصفة في العين المشار إليه غير معتبرة لأن الصفة لتمييز الموصوف من غيره والإشارة تكفى للتعريف فوقعت الغنية عن ذكر الصفة وغير المعين لا يحتمل الإشارة فيكون تعريفه بالوصف وإذا عرف هذا نقول العين بدلت في هذه المواضع فلا تبقى اليمين التي عقدت على الأول والعين في الرطب وإن لم تبدل لكن زال بعضها وهو الماء بالجفاف لأن اسم الرطب يستعمل على العين والماء الذي فيها فإذا جف فقد زال عنها الماء فصار آكلا بعض العين المشار إليها فلا يحنث كما لو حلف لا يأكل هذا الرغيف فأكل بعضه بخلاف ما إذا حلف لا يكلم هذا الشاب فكلمه بعد ما صار شيخا أنه يحنث لأن هناك العين قائمة وإنما الفائت هو الوصف لا بعض الشخص فيبقى كل المحلوف عليه فبقيت اليمين وفرق آخر أن الصفات التي في هذه الأعيان مما تقصد باليمين منعا وحملا كالرطوبة التي هي في التمر والعنب فإن المرطوب تضربه الرطوبات فتعلقت اليمين بها .

                                                                                                                                والصبا والشباب مما لا يقصد بالمنع بل الذات هي التي تقصد فتعلقت اليمين بالذات دون هاتين الصفتين كما إذا حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه أنه يحنث لما قلنا كذا هذا وكذا إذا حلف لا يأكل من لحم هذا الحولي فأكله بعدما صار كبشا أو من لحم هذا الجدي فأكله بعدما صار تيسا يحنث لما قلنا وكذلك لو حلف لا يجامع هذه الصبية فجامعها بعدما صارت امرأة يحنث لما قلنا ولو نوى في الفصول المتقدمة ما يكون من ذلك حنث لأنه شدد على نفسه ولو حلف لا يأكل من هذه الحد حبة فأكلها بعدما صارت بطيخا لا رواية فيه واختلف المشايخ فيه والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية