الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ثم إذا أدى بدل الكتابة وعتق يعتق ولده المولود في الكتابة بأن ولد للمكاتب ولد من أمة اشتراها ; لأنه صار مكاتبا تبعا للأب ، فيثبت فيه حكم الأصل إلا أن للمولى أن يطالب الأب دون الولد ; لأنه لم يدخل في العقد مقصودا بل تبعا ، فلا يملك مطالبة التبع حال قيام المتبوع .

                                                                                                                                وكما يعتق المكاتب بالأداء من كسبه يعتق بالأداء من كسب ولده ; لأن كسب الولد كسبه .

                                                                                                                                فإذا أدى يعتق هو وولده ، وكذا ولده المشترك في الكتابة ، وولد ولده وإن سفل ، والوالدون وإن علوا ، إذا اشتراهم المكاتب يدخلون في الكتابة كالولد المولود سواء ، لا فرق بينهم إلا في فصل واحد ، وهو أنه إذا مات المكاتب من غير مال يقال للولد المشترى وللوالدين : إما أن تؤدوا الكتابة حالا ، وإلا رددناكم في الرق ، بخلاف الولد المولود في الكتابة لما نذكر وأما ما سوى الوالدين والمولودين من ذوي الرحم المحرم ; كالأخ والعم والخال ونحوهم فهل يدخلون في الكتابة ؟ قال أبو حنيفة : لا يدخلون ، وقال أبو يوسف ومحمد : يدخلون ويسعون على النجوم بمنزلة الوالدين والمولودين ، والأصل عندهما أن كل من إذا ملكه الحر يعتق عليه ، فإذا ملكه المكاتب يتكاتب عليه ويقوم مقامه ، وجه قولهما إن المكاتبة عقد يفضي إلى العتق فيعتبر بحقيقة العتق ، والحكم في الحقيقة هذا .

                                                                                                                                فكذا في كسب الكسب المفضي إليه ، ولهذا اعتبر بحقيقة العتق في الوالدين والمولودين كذا ههنا ولأبي حنيفة إن الأصل أن لا يثبت التكاتب رأسا ; لأن ملك المكاتب ملك ضروري لكونه مملوكا ما بقي عليه درهم ، فلا يظهر في حق التبرع والعتق وإنما يظهر في حق حرية نفسه ، إلا أن حرية ولده وأبويه في معنى حرية نفسه لمكان الحرية ، ولم يوجد في سائر ذوي الرحم فبقي الأمر فيهم على الأصل ، وبدل القياس من وجه آخر يقتضي أن لا يدخل الولد ; لأنه كسبه ، وحق الحرية لا يسري للإكساب ; ككسب أم الولد والمدبر ، وإنما استحسنا الولاد بحكم الحرية ولم يوجد والولد المنفصل قبل العقد لا يدخل في الكتابة ، ويكون للمولى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية