الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ، فإن اجتمعت الوصايا في العين ، فإن اجتمعت في عين مشار إليها بأن أوصى بعين واحدة لاثنين أو أكثر أو أوصى لكل واحد بجميع العين - فقد قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - : تقسم العين بين أصحاب الوصايا على عددهم فيضرب كل واحد منهم بالقدر الذي حصل له بالقسمة ، ، ولا يضرب بجميع تلك العين ، وإن وقعت القسمة بجميع العين ، وذلك نحو أن يقول : أوصيت بعبدي هذا لفلان ثم قال : وقد أوصيت بعبدي هذا لفلان آخر ، والعبد يخرج من ثلث ماله ; فإن العبد يقسم بينهما نصفين على عددهما ، وهما اثنان فيضرب كل واحد منهما بنصف العبد ، ولا يضرب بأكثر من ذلك .

                                                                                                                                وكذلك إن أوصى به لثلاثة أو لأربعة .

                                                                                                                                وقال أبو يوسف ، ومحمد - رحمهما الله - : يضرب كل واحد منهما بجميع وصيته ، ويتفق الجواب في تقديم ما يستحق كل واحد منهما من العبد في هذه الصورة لكن بناء على أصلين مختلفين ، وإنما يظهر ثمرة اختلاف الأصلين فيما إذا انضمت إلى الوصية لهما وصية لثالث بأن كان له عبد ، وألفا درهم سوى ذلك فأوصى بالعبد لإنسان ، ثم أوصى به لآخر ، وأوصى لرجل آخر بألف درهم فعند أبي حنيفة - رحمه الله - يضرب كل واحد من الموصى له بالعبد بنصف العبد ، وهذا بنصفه ، وهذا بنصفه ، ويضرب الموصى له بألف درهم بألف ، فيقتسمون بالثلث أرباعا ، وعند أبي يوسف ، ، ومحمد - رحمهما الله - : يضرب كل واحد من الموصى لهما بالعبد بجميع العبد ، والموصى له بألف يضرب بألف فيقتسمون الثلث أثلاثا بناء على الأصل الذي ذكرنا فيما تقدم : أن الموصى له بأكثر من الثلث لا يضرب بأكثر من الثلث عنده ، وعندهما يضرب بجميع وصيته ، فهما يقولان : ; لأن التسمية وقعت لجميع العين إلا أنها لا تظهر في حق الاستحقاق فتظهر في حق الضرب ، كما في أصحاب الديون ، وأصحاب العول ، وأبو حنيفة - رحمه الله - يقول : إن الموصى قد أبطل وصية كل واحد منهما في نصف العين فله ولاية الإبطال .

                                                                                                                                ألا يرى أن له أن يرجع فيبطل استحقاق كل واحد منهما نصف العين ، فالضرب بالجميع يكون ضربا بوصية باطلة فكان باطلا ، بخلاف الغرماء فإنه ليس لمن عليه الدين ولأنه إبطال حقهم فيضرب كل واحد منهم بكل حقه ، وبخلاف أصحاب العول ; لأنه لم يؤخذ من جهة الميت سبب يبطل شهادتهم فيضربون بجميع ما ثبت حقهم فيه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية