الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) شرائط الإقرار بالحد فمنها ما يعم الحدود كلها ، ومنها ما يخص البعض دون البعض ، أما الذي يعم الحدود كلها فمنها : البلوغ ، فلا يصح إقرار الصبي في شيء من الحدود ; لأن سبب وجوب الحد لا بد وأن يكون جناية ، وفعل الصبي لا يوصف بكونه جناية ; فكان إقراره كذبا محضا ، ومنها : النطق : وهو أن يكون الإقرار بالخطاب والعبارة دون الكتاب والإشارة ، حتى إن الأخرس لو كتب الإقرار في كتاب أو أشار إليه إشارة معلومة - لا حد عليه ; لأن الشرع علق وجوب الحد بالبيان المتناهي ، ألا ترى أنه لو أقر [ ص: 50 ] بالوطء الحرام - لا يقام عليه الحد ما لم يصرح بالزنا ، والبيان لا يتناهى إلا بالصريح والكتابة - والإشارة بمنزلة - الكتابة فلا يوجب الحد .

                                                                                                                                وأما البصر فليس بشرط لصحة الإقرار ، فيصح إقرار الأعمى في الحدود كلها كالبصير ; لأن الأعمى لا يمنع مباشرة سبب وجوبها ، وكذا الحرية والإسلام والذكورة ليست بشرط ; حتى يصح إقرار الرقيق والذمي والمرأة في جميع الحدود ، وعند زفر - رحمه الله - لا يصح إقرار العبد بشيء من أسباب الحدود من غير تصديق المولى ، والكلام في التصديق على نحو ما ذكرنا في كتاب السرقة ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية