الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ولو ) أوصى بالعبيد كلهم لصاحب الرقبة وبخدمة أحدهم لصاحب الخدمة لم يضرب صاحب الرقاب إلا بقيمة واحد منهم ، ويضرب الآخر بخدمة الآخر ، فيكون كالباب الذي قبله ( وهذا ) قول أبي حنيفة - رحمه الله - تعالى - ; لأن الموصى له بالرقاب في الحكم كأنه أوصى له برقبتين ; لأن العبد الذي أوصى بخدمته لغيره هو ممنوع ; لأنه مشغول بحق غيره ، فما دام مشغولا جعل كأنه لم يوص له به .

                                                                                                                                ( ومن ) أصل أبي حنيفة أن الموصى له بأكثر من الثلث لا يضرب له إلا بالثلث فالموصى له بالعبدين ههنا لا يضرب له إلا بالثلث ، وهو عبد واحد ، والموصى له بالخدمة يضرب أيضا بعبد واحد ، فيصير الثلث بينهما نصفين لكل واحد منهما نصف الرقبة ، فالذي أوصى له بالعبدين له نصف العبد في العبدين جميعا ; لأن حقه في العبدين ، فيكون له من كل عبد ربعه ، والموصى له بالخدمة له نصف العبد الذي أوصى له بخدمته يخدم الموصى له يوما ، والورثة يوما ، كما في الفصل الأول .

                                                                                                                                ( وأما ) على قولهما الموصى له بالرقاب يضرب بالعبدين ، والموصى له بخدمة العبد يضرب بعبد واحد ، فيصير الثلث بينهما أثلاثا : سهمان لصاحب الرقاب ، وسهم لصاحب الخدمة ، فلما صار الثلث على ثلاثة صار الثلثان على ستة ، والجميع تسعة : كل عبد ثلاثة أسهم ، فللموصى له بالرقاب سهمان في العبدين من كل رقبة سهم وللموصى له بالخدمة سهم في العبد الذي أوصى له بخدمته يخدم العبد الموصى به للموصى له بالخدمة يوما ، وللورثة يومين ، فحصل للموصى لهما ثلاثة أسهم ، وللورثة ستة أسهم ( ولو ) كانوا يخرجون من الثلث كان لصاحب الرقبة ما أوصى له به ، ولصاحب الخدمة ما أوصى له به ; لأن كل واحد منهما يصل إلى تمام حقه .

                                                                                                                                ولو لم يكن له مال غيرهم ، فأوصى بثلث كل عبد منهم لفلان وأوصى بخدمة أحدهم [ ص: 389 ] لفلان فإنه يقسم الثلث بينهما على خمسة أسهم لصاحب الخدمة ثلاثة أخماس الثلث في خدمة ذلك العبد يخدمه ثلاثة أيام ، ويخدم الورثة يومين ; فيكون للآخر خمس الثلث في العبدين الباقيين في كل واحد منهما خمس رقبته ( وجه ) ذلك : أن الموصى له بثلث الرقاب أن الموصى له بالرقاب لا حق له في العبد الذي أوصى بخدمته ما دام الموصى له باقيا ، فصار كأنه أوصى بخدمة أحدهم لرجل ، وبثلث العبدين الآخرين لرجل ، فاجعل كل ثلث سهما ، فيضرب صاحب الرقبة بثلث كل عبد ، وذلك سهمان ، ويضرب صاحب الخدمة بالجميع ، وذلك ثلاثة أسهم ، فاجعل ثلث المال على خمسة ، فيقسم بينهما لصاحب الرقبة سهمان في كل عبد من العبدين سهم ولصاحب الخدمة ثلاثة أسهم في العبد الموصى له بخدمته ، فيخدمه ثلاثة أيام وللورثة يومين ، فجميع ما حصل للموصى لهما خمسة أسهم : سهمان للموصى له بالرقبة ، وثلاثة أسهم للموصى له بالخدمة ، وجميع ما حصل للورثة عشرة أسهم : ثمانية أسهم في العبدين في كل عبد أربعة ، وسهمان من العبد الموصى له بالخدمة ، فاستقام على الثلث ، والثلثين .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية