الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال ) له : ( عتقك إليك ) عبارة أصله جعلت عتقك إليك وكأنه حذفه لعدم الاحتياج إليه ، وهو متجه وفاقا للبلقيني لكنه عبر بمحتمل ، وقول الزركشي لا بد منه فيه نظر ( أو خيرتك ) من التخيير ، وقول أصله في بعض نسخه حررتك مردود بأنه صريح تنجيز كما مر ( ونوى تفويض العتق إليه فأعتق نفسه في المجلس ) أي : مجلس التخاطب أي : بأن لا يؤخر بقدر ما ينقطع به الإيجاب عن القبول كذا قيل : ويظهر ضبطه بما مر في الخلع ؛ لأن ما هنا أقرب إليه منه إليه إلى نحو البيع فهو كتفويض الطلاق إليها ( عتق ) كما في الطلاق فيأتي هنا ما مر في التفويض ثم وجعلت خيرتك إليك صريح في التفويض لا يحتاج لنية ، وكذا عتقك إليك ، فقوله : ونوى قيد في خيرتك فقط ، ولو قال : وهبتك نفسك ناويا العتق عتق من غير قبول أو التمليك عتق إن قبل فورا كما في ملكتك نفسك ، ولو أوصى له برقبته اشترط القبول بعد الموت ( أو ) قال : ( أعتقتك على ألف أو أنت حر على ألف فقبل ) فورا ( أو قال له العبد : أعتقني على ألف فأجابه عتق في الحال ولزمه الألف ) في الصور الثلاث كالخلع ، بل أولى لتشوف الشارع للعتق فهو من جانب المالك معاوضة فيها شوب تعليق ومن جانب المستدعي [ ص: 358 ] معاوضة فيها شوب جعالة ، وإن كان تمليكا إذ يغتفر في الضمني ما لا يغتفر في المقصود ويأتي في التعليق بالإعطاء ونحوه هنا ما مر في خلع الأمة قيل : قوله في الحال لغو

                                                                                                                              وإنما ذكره في أعتقتك على كذا إلى شهر فقبل فإنه يعتق حالا والعوض مؤجل فلعله انتقل نظره إلى هذه ا هـ . وليس بسديد ، بل له فائدة ظاهرة هي دفع توهم توقف العتق على قبض الألف على أن ترجيه ما ذكر غفلة عن كون المصنف ذكره عقب ذلك ، وحيث فسد بما يفسد به الخلع كأن قال : على خمر مثلا أو على أن تخدمني أو زاد أبدا أو إلى صحتي مثلا عتق وعليه قيمته حينئذ أو تخدمني عشرين سنة مثلا عتق ولزمه ذلك فلو خدمه نصف المدة ثم مات فلسيده في تركته نصف قيمته ولا يشترط النص على كون المدة تلي العتق خلافا للأذرعي لانصرافها إلى ذلك ولا تفصيل الخدمة عملا بالعرف نظير ما مر في الإجارة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ذكره ) كأنه في غير هذا الكتاب ثم إن كونه ذكره عقب ذلك لا ينافي انتقال النظر ؛ لأن الجمع بين مسألتين لا ينافي انتقال النظر من حكم إحداهما إلى حكم الأخرى كما هو في غاية الظهور ، فدعوى الغفلة ممنوعة ، بل لعلها غفلة فليتأمل . ( قوله : فلو خدمه نصف المدة ثم مات إلخ ) بقي ما لو مات السيد فهل يستحق الوارث عليه نصف القيمة وبقية الخدمة ؟ ولعل المراد الأول ؛ لأن خدمة السيد لا تصدق بخدمة وارثه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وهو متجه ) وفاقا للنهاية وخلافا للمغني . ( قوله : لكنه عبر بمحتمل ) يؤخذ منه أن محتمل من صيغ الترجيح عندهم فليتأمل سيد عمر أي : بفتح الميم وأما بكسرها فلا يشعر بالترجيح ؛ لأنه بمعنى ذو احتمال أي : قابل للحمل والتأويل كما مر منه في أوائل ربع العبادة . ( قوله : وقول الزركشي إلخ ) وافقه المغني كما مر . ( قول المتن أو خيرتك ) أي : في إعتاقك مغني . ( قوله : من التخيير ) أي : بصيغة الفعل الماضي من التخيير بخاء معجمة . ( قوله : وقول أصله إلخ ) عبارة المغني وعبر في الروضة بقوله وحررتك بحاء مهملة من التحرير قال الإسنوي وهو غير مستقيم فإن هذه اللفظة صريحة وصوابه حرمتك مصدرا مضافا كاللفظ المذكور قبله وهو العتق ا هـ . ( قوله : تنجيز ) عبارة النهاية لتحرير . ( قوله : مجلس التخاطب ) أي : لا الحضور مغني . ( قوله : ويظهر ضبطه ) إلى قوله أو التمليك في المغني . ( قوله : بما مر في الخلع ) أي : فيغتفر الكلام اليسير هنا كما اغتفر ثم ع ش . ( قوله : فقوله : ونوى ) أي : إلى آخره . ( قوله : أو التمليك عتق إلخ ) وينبغي أن مثله ما لو أطلق ويرجع في نية ذلك إليه ع ش عبارة السيد عمر بقي ما لو أطلق وهبتك نفسك هل يلحق بالأول أو بالثاني الأقرب الثاني ا هـ . ( قوله : اشترط القبول إلخ ) أي : ولو على التراخي ع ش . ( قوله : أو قال ) أي : لعبده في الإيجاب أعتقتك على ألف أي : مثلا في ذمتك وقوله : أو قال له العبد أي : في الاستيجاب وقوله : فأجابه أي : في الحال مغني . ( قول المتن ولزمه الألف ) أي : فورا حيث لم يذكر السيد أجلا فإن ذكره ثبت في ذمته ويجب إنظاره في الحالة الأولى إلى اليسار كالديون اللازمة للمعسر ع ش . ( قوله : في الصور الثلاث ) إلى قوله فلعله في المغني إلا قوله : ويأتي إلى في الحال . ( قوله : بل أولى ) هذا بالنسبة لأصل العتق رشيدي أي : لا للزوم الألف أيضا بدليل ما بعده . ( قوله : معاوضة فيها شوب تعليق ) أي : فلا عتق إلا بعد تحقق الصفة ولا رجوع له عنه قبله وقوله : معاوضة أي : لملكه نفسه في مقابلة ما بذله فيها شوب جعالة [ ص: 358 ] أي : لبذله العوض له في مقابلة تحصيله لغرضه وهو العتق الذي يستقل به كالعامل في الجعالة .

                                                                                                                              ( قوله : وإن كان تمليكا إلخ ) عبارة المغني ولا يقدح كونه تمليكا إذ يغتفر إلخ . ( قوله : ما مر في الخلع ) عبارته هناك وإذا علق بإعطاء مال أو إتيانه أو مجيئه كإن أعطيتني كذا فوضعته أو أكثر منه بين يديه بحيث يعلم به ويتمكن من أخذه طلقت وإن لم يأخذه ا هـ . ( قوله : قيل إلخ ) وافقه المغني عبارته . ( تنبيه ) قوله : في الحال تبع فيه المحرر ولا فائدة له ولهذا لم يذكراه في الشرح والروضة وإنما ذكراه بعد هذه الصورة فيما لو قال أعتقتك على كذا إلى شهر فقبل عتق في الحال والعوض مؤجل وصورة الكتاب أن يكون الألف في الذمة كما قدرته في كلامه فإن كانت معينة ففي القفال إذا كان في يد عبده ألف درهم اكتسبها فقال السيد أعتقتك على هذا الألف ففيه ثلاثة أوجه ثالثها يعتق والألف ملك السيد ويرجع على العبد بتمام قيمته وهذا هو الظاهر ا هـ . ( قوله : إلى هذه ) أي : مسألة إلى شهر . ( قوله : ما ذكر ) أي : انتقال النظر . ( قوله : غفلة عن كون المصنف ذكره إلخ ) أي : ذكر قوله في الحال في المسألة الآتية عقب هذه وذكره في المحلين يبعد كونه صادرا عن انتقال النظر وبهذا يندفع قول سم كأنه في غير هذا الكتاب ثم إن كونه ذكره عقب ذلك لا ينافي انتقال النظر لأن الجمع بين مسألتين لا ينافي في انتقال النظر من حكم إحداهما إلى حكم الأخرى كما هو في غاية الظهور فدعوى الغفلة ممنوعة بل لعلها غفلة ا هـ . ويحتمل أيضا أن غفلة هذا المعترض من حيث كونه خص الاعتراض بالمسألة المتقدمة مع توجهه على المسألة التي ذكرها المصنف عقبها والشهاب سم فهم أن الضمير في ذكره راجع إلى مسألة إلى شهر وليس كذلك كما علمت رشيدي أقول ما ترجاه سم بقوله كأنه في غير هذا الكتاب جزم به المغني كما مر عنه آنفا وما فهمه سم في مرجع الضمير لما مر عن المغني آنفا وأيضا سياق كلام الشارح كالصريح فيه .

                                                                                                                              ( قوله : بما يفسد به الخلع ) أي : عوضه رشيدي . ( قوله : مثلا ) أي : أو خنزير مغني . ( قوله : ولو خدمه نصف المدة ثم مات إلخ ) أي : العبد بقي ما لو مات السيد فهل يستحق الوارث عليه نصف القيمة أو بقية الخدمة ولعل المراد الأول لأن خدمة السيد لا تصدق بخدمة وارثه سم . ( قوله : فلسيده في تركته إلخ ) أي : لأنه لما فات العوض انتقل إلى بدله وهو القيمة لا أجرة مثله بقية المدة ع ش . ( قوله : ولا يشترط النص إلخ ) أي : فلو نص على تأخير ابتدائها عن العقد فسد العوض ووجبت القيمة كما يفيده قوله الآتي لانصرافها إلى ذلك ع ش . ( قوله : عملا بالعرف ) أي : وعليه فلو طرأ للسيد ما يوجب الاحتياج في خدمته إلى زيادة عما كان عليه حال السيد وقت العقد فهل يكلفها العبد أو يفسد العوض فيما بقي ويجب قسطه من القيمة فيه نظر والأقرب أنه يكلف خدمة ما كان متعارفا لهما حال العقد ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية