الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو مات نصراني عن ابنين مسلم ) حالة الاختلاف ( ونصراني فقال المسلم : أسلمت بعد موته ) أي : الأب ( فالميراث بيننا فقال النصراني : بل ) أسلمت ( قبله ) فلا إرث لك ( صدق المسلم بيمينه ) ؛ لأن الأصل استمراره على دينه فيحلف ويرث ، ومثله كما بأصله وحذفه للعلم به مما ذكره ، المفهم أنه لا فرق في تصديق المسلم بين اتفاقهما على وقت موت الأب وعدمه لو اتفقا على موت الأب في رمضان وقال المسلم : أسلمت في شوال والنصراني في شعبان ( ، وإن أقاماهما ) أي : البينتين بما قالاه ( قدم النصراني ) ؛ لأن بينته ناقلة عن الأصل الذي هو التنصر إلى الإسلام قبل موت الأب فهي أعلم وقيده البلقيني بما إذا لم تقل بينة المسلم علمنا تنصره حال موت أبيه وبعده ولم تستصحب فإن قالت : ذلك قدمت ، وإلا لزم الحكم بردته عند موت أبيه والأصل عدم الردة ، وفيه نظر ، وقياس ما يأتي في رأيناه حيا في شوال التعارض فيحلف المسلم ثم رأيت غير واحد جزم به

                                                                                                                              ( فلو اتفقا ) أي : الابنان ( على إسلام الابن في رمضان وقال المسلم : مات الأب في شعبان وقال النصراني : ) مات ( في شوال صدق النصراني ) بيمينه ؛ لأن الأصل بقاء الحياة ( وتقدم بينة المسلم على بينته ) إن أقاما بينتين بذلك ؛ لأنها ناقلة من الحياة إلى الموت في شعبان والأخرى مستصحبة الحياة إلى شوال ، نعم إن قالت : رأيناه حيا في شوال تعارضتا كما قالاه فيحلف النصراني أما إذا لم يتفقا على وقت الإسلام فيصدق المسلم كما مر لأصل بقائه على دينه [ ص: 344 ] وتقدم بينة النصراني ؛ لأنها ناقلة ما لم تقل بينة المسلم عاينا الأب ميتا قبل إسلامه فيتعارضان ويحلف المسلم ، ونظير ما تقرر في رأيناه حيا وعايناه ميتا شهادة بينة بأن أبا مدع مات يوم كذا فورثه وحده فأقامت امرأة بينة بأنه تزوجها يوم كذا اليوم بعد ذلك اليوم ثم مات بعده فتقدم بينتها ؛ لأن معها زيادة علم ومن ثم لو شهدا بموته وآخران بحياته بعد ذلك قدمت بينة الحياة لزيادة علمها ، وقد يشكل بذلك قول ابن الصلاح : لو شهدت بينة بأنه برئ من مرضه الفلاني ومات من غيره وأخرى بأنه مات منه تعارضتا بخلاف ما لو شهدت بينة بأنه مات في رمضان سنة كذا فأقام بعض الورثة بينة بأنه أقر له بكذا سنة كذا لسنة بعد تلك فإن بينة موته في رمضان مقدمة ا هـ . فتقديم هذه يشكل بما تقرر إلا أن يجاب بأنه لا يلزم من شهادتها بإقراره رؤيته فليس معها زيادة علم ، بل المثبتة لموته أعلم بخلاف الشاهدة بالتزوج وبالحياة بعد الموت ثم ما أطلقه في الأولى لو قيل فيه بناء على اعتماده محله في بينتين استوتا أو تقاربتا في معرفة الطب ، وإلا قدمت العارفة به دون غيرها لم يبعد ، ولو مات عن أولاد وأحدهم عن ولد صغير فوضعوا يدهم على المال فلما كمل ادعى بمال أبيه وبإرث أبيه من جده فقالوا : مات أبوك في حياة أبيه فإن كان ثم بينة عمل بها

                                                                                                                              وإلا فإن اتفق هو وهم على وقت موت أحدهما واختلفا في أن الآخر مات قبله أو بعده حلف من قال بعده ؛ لأن الأصل دوام الحياة ، وإلا صدق في مال أبيه ، وهم في مال أبيهم ولا يرث الجد من ابنه ، وعكسه فإذا حلفا أو نكلا جعل مال أبيه له ومال الجد لهم ذكره شيخنا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              . ( قوله : وقياس ما يأتي إلخ ) هو الأوجه ش م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن قبله ) وينبغي أن المعية كالقبلية ع ش ( قوله : فلا إرث لك ) بل هو لي مغني ( قوله : ؛ لأن الأصل ) إلى قوله ونظير ما تقرر في النهاية إلا قوله : ثم رأيت إلى المتن ( قوله : استمراره ) أي المسلم على دينه أي الأصلي وهو التنصر ( قوله : ومثله ) أي مثل إطلاقهما ( قوله : المفهم أنه لا فرق . إلخ ) لك أن تقول حيث كان ذلك مفهوما من إطلاق المتن فهو من مشمولاته ومن أفراده فهو مذكور في المتن بحيث إنه لو ذكره ثانيا كان تكرارا فلا ينبغي هذا الصنيع الموهم خلاف ذلك فتأمل رشيدي وقوله : فهو من مشمولاته . إلخ أي كما أشار إليه المغني بقوله عقب المتن ما نصه : سواء اتفقا على وقت موت الأب أم أطلقا . ا هـ . ( قوله : لو اتفقا . إلخ ) خبر قوله : ومثله . . إلخ عبارة النهاية ما لو اتفقا . . إلخ بزيادة ما وهي أحسن ( قوله : وقيده البلقيني بما إذا لم تقل . إلخ ) أقره المغني عبارته ( تنبيه )

                                                                                                                              محل تقديم بينة النصراني ما إذا لم تشهد بينة المسلم بأنها كانت تسمع تنصره إلى ما بعد الموت وإلا فيتعارضان وحينئذ يصدق المسلم قال البلقيني : ومحله أيضا إذا لم تشهد بينة المسلم أنها علمت منه دين النصرانية حين موت أبيه وبعده وأنها لم تستصحب فإن قالت ذلك قدمت بينة المسلم ؛ لأنا لو قدمنا بينة النصراني للزم أن يكون مرتدا حال موت أبيه والأصل عدم الردة . ا هـ . فسكت عليه ولم يعقبه بما في الشرح ( قوله : وإلا ) أي بأن تقدم بينة النصراني مغني ( قوله : وقياس ما يأتي في رأيناه . إلخ ) عبارة النهاية فالأوجه قياسا على ما يأتي . إلخ ( قوله : بيمينه ) إلى قوله : فيحلف النصراني في المغني ( قوله : نعم ) إلى قوله : أما إذا لم يتفقا كذا في الروض وشرح المنهج ( قوله : إن قالت ) أي بينة النصراني مغني ( قوله : تعارضتا ) انظر هذا مع قوله : فيما مر ولو قالت بينة مات في شوال وأخرى في شعبان حيث ذكر ، ثم إنه تقدم المؤرخة بشوال حيث قالت : علمناه حيا فيه ع ش عبارة الرشيدي تقدم له اعتماد تقديم الشاهدة بالموت في شوال حينئذ المناقض لما هنا كما نبهنا عليه ولا يخفى أن الذي يجب اعتماده للشارح ما هنا إذ من المرجحات ذكر الشيء في محله ولأنه جعل ما هنا أصلا وقاس عليه ما استوجهه قريبا ردا على البلقيني في شرح المتن قبل هذا والقاعدة العمل بآخر قولي المجتهد وإن ذكر في الأول ما يشعر باعتماده ولأنه موافق لما قاله الشيخان . ا هـ . بحذف ( قوله : فيحلف النصراني ) .

                                                                                                                              [ ص: 344 ] كذا في النهاية وشرح المنهج وهو الموافق لقول المتن صدق النصراني إذ التعارض كعدم البينة فقول المغني هنا فيصدق المسلم بيمينه لعله من سبق القلم ، ثم رأيت قال السيد عمر بعد ذكر كلام المغني المذكور ما نصه : وقوله : فيصدق المسلم محل تأمل ، والظاهر النصراني كما في التحف . ا هـ . ( قوله : فتقدم بينتها . إلخ ) ثم قوله : قدمت بينة الحياة . إلخ كل منهما إنما يوافق ما ذكره قبيل قول المتن ولو مات نصراني . . إلخ وإلا فالموافق لما مر آنفا التعارض ( قوله : بذلك ) أي بتقديم بينة الزوجة وبينة الحياة ( قوله : إلا أن يجاب بأنه . إلخ ) لا يخفى وهن هذا الجواب لا سيما بالنسبة للتزوج فتدبر سيد عمر ( قوله : ثم ما أطلقه ) أي ابن الصلاح في الأولى أي في مسألة البرء من المرض وقوله بناء على اعتماده . . إلخ أي وإلا فقد مر قبيل قول المتن ولو مات نصراني . إلخ أن الأوجه فيها تقديم بينة البرء ( قوله : العارفة به ) أي بالطب ( قوله : ولو مات ) إلى التتمة في النهاية إلا قوله واعترضه البلقيني بما لا يصح وقوله : ومثل ذلك إلى المتن وقوله : وأطال البلقيني إلى المتن ( قوله : ولو مات عن أولاد . إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه ( فرع )

                                                                                                                              لو مات لرجل ابن وزوجة ثم اختلف هو وأخو الزوجة فقال هو ماتت قبل الابن فورثتها أنا وابني ، ثم مات الابن فورثته وقال أخوها بل ماتت بعد الابن فورثته قبل موتها ثم ورثتها أنا ولا بينة يصدق الأخ في مال أخته والزوج في مال ابنه بيمينهما فإن حلفا أو نكلا لم يرث ميت عن ميت فمال الابن لأبيه ومال الزوجة بين الزوج والأخ ، فإن أقاما بينتين بذلك تعارضتا فإن اتفقا على موت واحد منهما يوم الجمعة مثلا واختلفا في موت الآخر قبله أو بعده صدق من ادعاه بعد ؛ لأن الأصل بقاء الحياة فإن أقاما بينتين بذلك قدم بينة من ادعاه قبل ؛ لأنها ناقلة ولو قال ورثة ميت لزوجته كنت أمة ثم عتقت بعد موته أو كنت كافرة ثم أسلمت بعد موته وقالت هي بل عتقت أو أسلمت قبل صدقوا بأيمانهم ؛ لأن الأصل بقاء الرق والكفر وإن قالت لم أزل حرة أو مسلمة صدقت بيمينها دونهم ؛ لأنها الظاهر معها . ا هـ . ( قوله : فقالوا مات أبوك في حياة أبيه ) أي فلا إرث له من مال الجد وهو ورث من ماله ( قوله : على وقت موت أحدهما ) أي كيوم الجمعة ( قوله : وإلا ) أي وإن لم يتفقا على وقت موت أحدهما ( قوله : في مال أبيه ) أي بالنسبة إليه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية