الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويدخل في الفاكهة ) حلف لا يأكلها ولا نية له ، ( رطب وعنب ورمان وأترج ) بضم أوله وثالثه مع تشديد الجيم ويقال أترنج وترنج وتين ومشمش و ( رطب ويابس ) من كل ما يتناوله ، سواء استجد له اسم كتمر وزبيب أم لا كتين ، خلافا للماوردي [ ص: 41 ] ؛ لوقوع اسمها على هذه كلها ؛ لأنها مما يتفكه أي : يتنعم بأكله ليس بقوت ، وعطف الرمان والعنب عليها في الآية لا يقتضي خروجهما عنها ؛ لأنه من عطف الخاص على العام ، وزعم أنه يقتضيه قال الأزهري : والواحدي خلاف إجماع أهل اللغة ، ويدخل فيها موز رطب لا يابس على الأوجه وظاهر قولهم رطب وعنب أنه لا حنث بما لم ينضج ويطب ، وهو ما صرح به الزبيري ويوافقه قول التتمة : لا يدخل فيها بلح وحصرم وقيده البلقيني في البلح بغير ما حلا من نحو بسر ومترطب بعضه

                                                                                                                              ( قلت وليمون ونبق ) بفتح فسكون أو كسر ونارنج وقيده كالليمون الفارقي بالطري ، فخرج المملح واليابس واعتمده البلقيني ، بل نازع في عدهما وأطال وما قيل من أن صوابه ليمو بلا نون قال الزركشي غلط . ( وبطيخ ) أصفر أو هندي ( ولب فستق ) بضم ثالثه وفتحه ( وبندق وغيرهما ) كجوز ولوز ( في الأصح ) وتقوية الأذرعي لمقابله بأنها لا تعد فاكهة ممنوعة .

                                                                                                                              ( لا قثاء ) بكسر أوله أشهر من فتحه وبمثلثة مع المد ، ( وخيار وباذنجان ) بكسر المعجمة ، ( وجزر ) بفتح أوله وكسره ؛ لأنها تعد من الخضراوات لا الفواكه .

                                                                                                                              وتعجب بعضهم من إسقاط الخيار مع أنه يجعل في أطباق الفاكهة وعد لب نحو البندق ، ويجاب بأن الخيار دخل في نوع آخر اختص به وهو كونه من الخضراوات ، وذلك اللب يعد من يابسها من غير مخرج له عنها ، ( ولا يدخل في الثمار ) بالمثلثة ( يابس والله أعلم ) ؛ لأن الثمر اسم للرطب ، واستشكل خروج اليابس من هذه ودخوله في الفاكهة ، ويجاب بأن المتبادر من كل ما ذكر . ( فائدة )

                                                                                                                              قضية قول القاموس : القمع بالكسر والفتح وكعنب ما التزق بأسفل التمرة والبسرة ونحوهما أن رأس التمر ما لا يلي قمعها ، ووجهه بعضهم بأنه يخرج أولا كما يخرج رأس الحيوان عند ولادته أولا ، وفيه نظر ظاهر . والذي يتجه أن العبرة هنا بالعرف وهو قاض بأن رأسها ما تحت قمعها ( ولو أطلق ) في الحلف ( بطيخ وتمر ) بالمثناة ( وجوز [ ص: 42 ] لم يدخل هندي ) في الجميع للمخالفة في الصورة والطعم .

                                                                                                                              والهندي من البطيخ هو الأخضر ونازع جمع فيه بأنه الآن لا ينصرف البطيخ إلا إليه ، وقد يجاب بأنه لا عبرة بالعرف الطارئ كالعرف الخاص في تجديد اسم لم يكن وبه فارق ما مر فيمن حلف بنحو بغداد لا يركب دابة ولا يتناول الخيار خيار الشنبر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ويدخل في فاكهة رطب إلخ ) قال في شرح الروض وفي شمولها الزيتون وجهان في البحر ا هـ . وأصحهما عدم الشمول م ر .

                                                                                                                              ( قوله : رطب ) قال في الروض : والرطب غير البسر والبلح . قال في شرحه وهل يتناول الرطب المشدخ وهو ما لم يترطب بنفسه ، بل عولج حتى ترطب قال الزركشي فيه نظر ، وقد ذكروا في السلم أنه لو أسلم إليه في رطب فأحضر إليه مشدخا لا يلزمه قبوله ؛ لأنه لا يتناوله اسم الرطب ا هـ . ما في شرح الروض فانظر إذا قلنا بعدم التناول للمشدخ فهل يتناوله الفاكهة ولا يبعد التناول [ ص: 41 ] قوله : مما ليس بقوت ) انظر نحو التمر والزبيب ( قوله : لا يدخل فيها بلح إلخ ) ينبغي في الحلف على البلح [ ص: 42 ] أن لا يحنث إلا بالبسر م ر . ( قوله : ونازع جمع فيه بأنه الآن لا ينصرف البطيخ إلا إليه ) وحينئذ فالأوجه الحنث ، ودعوى أنه لا عبرة بالعرف الطارئ كالعرف الخاص ممنوعة م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ولا نية له ) إلى قوله : وتقوية الأذرعي في النهاية إلا قوله خلافا للماوردي . ( قول المتن رطب إلخ ) وفي شمول الفاكهة للزيتون وجهان أوجههما عدم الشمول ا هـ . مغني وفي سم عن م ر مثله .

                                                                                                                              ( قوله : وتين إلخ ) وتفاح وسفرجل وكمثرى وخوخ ا هـ مغني . ( قوله : من كل ما يتناوله ) الضمير المستتر لاسم الفاكهة البارز للموصول ( قوله : أم لا كتين ) ومغلق خوخ ومشمش ا هـ مغني . ( قوله : [ ص: 41 ] لوقوع اسمها إلخ ) تعليل للمتن ، وقوله : لأنها إلخ أي : الفاكهة علة للعلة . ( قوله : مما ليس بقوت ) انظر نحو التمر والزبيب ا هـ . سم عبارة ع ش أي : ما لا يسمى قوتا في العرف فلا ينافي جعلهم التمر ونحوه في زكاة الفطر من المقتات ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وعطف الرمان ) ليس في الآية ذكر العنب ، عبارة الأسنى والمغني : وإنما ذكر المصنف الرطب والعنب والرمان لأجل خلاف أبي حنيفة فإنه قال : لا يحنث بها لقوله تعالى { : فيهما فاكهة ونخل ورمان . } وميز العنب عن الفاكهة في سورة عبس . والعطف يقتضي المغايرة قال الواحدي والأزهري : وهو خلاف إجماع أهل اللغة فإن من عادة العرب عطف الخاص على العام كقوله تعالى { : وملائكته ورسله وجبريل وميكال } فمن قال : ليسا من الملائكة فهو كافر ا هـ . ( قوله عليها ) أي : الفاكهة ا هـ ع ش ، وكذا ضمير عنها . ( قوله : وهو ما صرح إلخ ) وجزم بهذا شيخنا في الروض ولم يعزه لأحد وهو ظاهر ا هـ مغني . ( قوله : وقيده البلقيني إلخ ) عبارة النهاية : نعم هو مقيد بغير ما حلي إلخ قاله البلقيني ا هـ . وعبارة المغني : ومحله كما قاله البلقيني في البلح في غير الذي احمر أو اصفر وحلا وصار بسرا أو ترطب بعضه ولم يصر رطبا ، فأما ما وصل إلى هذه الحالة فلا توقف في أنه من الفاكهة ا هـ . قال السيد عمر : قد يقال لا حاجة لتقييد البلقيني ؛ لأن البلح لا حلاوة فيه وما حدثت فيه الحلاوة فبسر لا بلح ، نعم يقال ثم ما يوجد فيه حلاوة لها وقع قبل تغير اللون إلى الصفرة أو الحمرة فهل يقال له حينئذ : بلح لبقاء الخضرة أو بسر لوجود الحلاوة محل تأمل وعلى الأول يتجه التقييد للبلح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بغير ما حلا ) أي ولو أدنى حلاوة ا هـ حلبي . ( قوله : من نحو بسر إلخ ) بيان لما حلا ( قول المتن وليمون ) بفتح اللام وإثبات النون في آخره والواحدة ليمونة ا هـ مغني . ( قول المتن ونبق ) طريه ويابسه وهو ثمر شجر السدر ا هـ مغني . ( قوله : وقيده ) أي النارنج . ( قوله : واعتمده البلقيني إلخ ) عبارة المغني بل قال بعضهم : إن الطري منهما أي : النارنج والليمون ليس بفاكهة عرفا وإنما يصلح به بعض الأطعمة كالخل ا هـ . ( قول المتن وبطيخ ) عبارة النهاية والمغني والمحلى ، وكذا بطيخ بزيادة كذا في المتن وزاد الثاني في شرحه بكسر الباء الموحدة وفتحها ا هـ . ثم ذكر ما يصرح بأن قول المصنف في الأصح راجع لما بعد كذا من البطيخ ولب فستق إلخ . ( قوله : أو هندي ) أي أخضر ا هـ ع ش . ( قوله : بضم ثالثه وفتحه ) زاد المغني اسم جنس واحده فستقة ا هـ . ( قول المتن وبندق ) بموحدة ودال مضمومتين كما عبر به المصنف وغيره وبالفاء كما عبر به الأزهري وغيره ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : وتقوية الأذرعي إلخ ) عبارة المغني أما البطيخ فلأن له نضجا وإدراكا كالفواكه ، وأما اللبوب فإنها تعد من يابس الفاكهة والثاني المنع ؛ لأن ذلك لا يعد في العرف فاكهة واختاره الأذرعي ا هـ . وكذا في النهاية إلا قوله : واختاره إلخ . ( قوله بأنها ) أي : البطيخ ولب فستق ولب بندق ولب غيرهما . ( قول المتن لا قثاء وخيار ) . ( تنبيه )

                                                                                                                              ظاهر كلامهم أن القثاء غير الخيار وهو الشائع عرفا ويؤيده ما في زيادة الروضة في باب الربا أن القثاء مع الخيار جنسا ولكنه نقل في تهذيبه عن الجوهري أن القثاء الخيار ولم ينكره ا هـ . مغني ( قوله : وتعجب بعضهم إلخ ) عبارة المغني قال الفزاري ومن العجب أن الخيار لا يكون من الفاكهة مع أن لب الفستق من الفاكهة والعادة جارية بجعل الخيار في أطباق الفاكهة دون الفستق والبندق . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وعد لب البندق ) عطف على إسقاط الخيار ( قوله : وذلك اللب إلخ ) أي : وأن ذلك إلخ ( قوله : من يابسها ) أي الفاكهة ، وكذا ضمير عنها . ( قوله : من كل ) بالتنوين . ( قوله : ما ذكر ) أي : الرطب في الثمر واليابس والرطب في الفاكهة . ( قوله ما لا يلي إلخ ) يعني طرفها ومنتهاها المقابل لطرفها المتصل بالقمع . ( قوله : وهو قاض إلخ ) محل تأمل . ( قوله : من هذا ) أي : التمر [ ص: 42 ] قول المتن لم يدخل هندي إلخ ) أي : فلا يحنث بأكله ا هـ مغني . ( قوله : هو الأخضر ) أي : بسائر أنواعه جبليا كان أو غيره أحمر كان أو غيره حاليا كان أو غيره ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله بأنه الآن لا ينصرف البطيخ إلا إليه ) أي : الأخضر وحينئذ فالأوجه الحنث به ، ودعوى أنه لا عبرة بالعرف الطارئ كالعرف الخاص ممنوعة ا هـ . نهاية قال الرشيدي قوله : وحينئذ فالأوجه الحنث به أي : وعدم الحنث بغيره كما نقله ابن قاسم عن إفتاء والد الشارح ثم قال : وعليه فهل يعم الحنث غير الديار المصرية والشامية على قياس ما قيل في خبز الأرز وفي الرءوس فيه نظر ا هـ . وقضية القاعدة أن العرف إذا وجد عم العموم هنا وهو قضية إطلاق الشارح ا هـ . رشيدي عبارة المغني فينبغي الحنث به كما جرى عليه البلقيني والأذرعي وغيرهما ا هـ . ( قوله : وقد يجاب إلخ ) وفاقا لشيخ الإسلام وخلافا للنهاية والمغني كما مر آنفا . ( قوله : وبه فارق إلخ ) أي : بقوله في تجديد اسم إلخ . ( قوله ولا يتناول ) إلى قوله : كما صرح في المغني إلا قوله : أي : بالمعنى إلى المتن ، وكذا في النهاية إلا قوله : وإن أطال إلى لا الدواء




                                                                                                                              الخدمات العلمية