الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو شهدا بطلاق بائن ) بخلع أو ثلاث ولو لرجعية كما بحثه البلقيني ( أو رضاع ) محرم ( أو لعان وفرق القاضي ) بين المشهود عليه وزوجته ويؤخذ منه أن الكلام في حي فلا غرم في شهود ببائن على ميت كما أفهمه كلامهم هذا مع علتهم الآتية إذ لا تفويت فقول البلقيني لم أر من تعرض له أي : صريحا ( فرجعا دام الفراق ) لما مر أن قولهما في الرجوع محتمل والقضاء لا يرد بمحتمل وبحث البلقيني أنه لا يكفي التفريق بل لا بد من القضاء بالتحريم ويترتب عليه التفريق ؛ لأنه قد يقضي به من غير حكم بتحريم كما في النكاح الفاسد ويجاب بما مر أن الأصح أن تصرف القاضي في أمر رفع إليه وطلب منه فصله حكم منه كقسمة مال المفقود ولا شك أن التفريق هنا مثلها فلا يحتاج لما ذكره قبل قوله : دام الفراق غير مستقيم في البائن فإنه لا يدوم فيه ا هـ .

                                                                                                                              وهو فاسد فإن المراد دوامه ما لم يوجد سبب يرفعه والبائن كذلك ( وعليهم ) حيث لم يصدقهم الزوج ولا شهدوا بعوض خلع يساوي مهر المثل بناء على ما في الروضة عن ابن الحداد وغيره [ ص: 283 ] ولا كان الزوج قنا كله ؛ لأنه لا ملك له والسيد لا تعلق له ببضع زوجة عبده وإعادة ضمير الجمع على الاثنين سائغ ( مهر المثل ) ساوى المسمى أو لا ؛ لأنه بدل البضع الذي فوتاه عليه فإن كان مجنونا أو غائبا طالب وليه أو وكيله ( وفي قول ) عليهم ( نصفه ) فقط ( إن كان ) الفراق ( قبل وطء ) لأنه الذي فوتاه وأجيب بأن النظر في الإتلاف لبدل المتلف لا لما قام به على المستحق ولهذا لو أبرأته عنه رجع بكله وخرج بالبائن الرجعي فإن راجع فلا غرم إذ لا تفويت والأوجب كالبائن وتمكنه من الرجعة لا يسقط حقه ألا ترى أن من قدر على دفع متلف ماله فسكت لا يسقط حقه من تغريمه لبدله وبه يجاب عما للبلقيني هنا ( ولو شهدا بطلاق وفرق ) بينهما ( فرجعا فقامت بينة ) أو ثبت بحجة أخرى ( أنه ) لا نكاح بينهما كأن ثبت أنه ( كان بينهما رضاع محرم ) أو أنها بانت من قبل ( فلا غرم ) عليهما إذ لم يفوتا عليه شيئا فإن غرما قبل البينة استردا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فإن المراد دوامه إلخ ) وأيضا المراد بدوامه عدم ارتفاعه برجوع الشهود كما هو السياق ( قوله : وعليهم مهر المثل إلخ ) قال في الروض أو شهدا أنه طلقها أي : زوجته أو أعتقها أي : أمته بألف ومهرها أو قيمتها ألفان غرما ألفا قال في شرحه على أن الرافعي أشار إلى أنهما يغرمان في مسألة العتق كل القيمة وفرق بينها وبين مسألة الطلاق بأن العبد يؤدي من كسبه وهو للسيد ؛ والزوجة بخلافه ا هـ .

                                                                                                                              وما أشار إليه الرافعي هو الصحيح ثم قال الروض أو شهدا بعتق ولو لأم ولد غرما القيمة قال في شرحه : وظاهر أن قيمة أم الولد والمدبر تؤخذ منهما للحيلولة حتى يسترداها بعد موت السيد كما لو غصبا تؤخذ قيمتهما للحيلولة نبه عليه ابن الرفعة وشرط لاستردادها في المدبر أن يخرج من الثلث فإن خرج منه بعضه استرد قدر ما خرج ا هـ . ثم قال في الروض : أو شهدا بإيلاد أو تدبير غرما بعد الموت أو شهدا بتعليق طلاق فبعد وجود الصفة أو بكتابة ثم رجعا وعتق بالأداء فهل يغرمان القيمة أو بعض النجوم عنها ؟ وجهان قال في شرحه قال [ ص: 283 ] الزركشي : أشبههما الثاني وعزاه الدارمي لابن سريج ولم يحك غيره ا هـ وقياس ما تقدم عن الرافعي في عتق الأمة ترجيح الأول . ( قوله : قنا كله ) خرج المبعض فهل المراد أن له جميع المهر أو أن له بقسطه راجعه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : بخلع إلخ ) أو قبل الدخول مغني . ( قوله : بخلع ) إلى قوله كما أفهمه في المغني . ( قوله : كما بحثه البلقيني ) عبارة المغني ولو قالوا في رجوعهم عن شهادتهم بطلاق بائن كان رجعيا قال البلقيني : الأرجح عندي أنهم يغرمون ؛ لأنهم قطعوا عليه ملك الرجعة الذي هو كملك البضع قال وهو قضية إطلاقهم الغرم عليه بالطلاق البائن وشمل إطلاق المصنف البائن ما لو كان الطلاق المشهود به تكملة الثلاث وهو أحد وجهين في الحاوي يظهر ترجيحه ؛ لأنهم منعوه بها من جميع البضع كالثلاث ا هـ . ( قول المتن أو لعان ) أو نحو ذلك مما يترتب عليه البينونة كالفسخ بعيب مغني وشيخ الإسلام . ( قول المتن وفرق القاضي ) أي : في كل من هذه المسائل مغني وشيخ الإسلام . ( قوله : ويؤخذ منه ) أي : من قول المتن وفرق القاضي . ( قوله : مع علتهم إلخ ) وهي قوله : لأنه بدل البضع إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : أي : صريحا ) خبر فقول البلقيني إلخ . ( قول المتن دام الفراق ) أي : في الظاهر إن لم يكن باطن الأمر كظاهره كما هو واضح فليراجع رشيدي . ( قوله : وبحث البلقيني إلخ ) معتمد ع ش وفيه وقفة ظاهرة إذ التحفة والنهاية اتفقا على ضعفه ثم رأيت قال الرشيدي لا يخفى أن حاصل بحث البلقيني أنه لا بد من توجه حكم خاص من القاضي إلى خصوص التحريم ولا يكفي عنه الحكم بالتفريق أي : ولو بصيغة الحكم ؛ لأنه لا يلزم منه الحكم بالتحريم بدليل النكاح الفاسد فإنه يحكم فيه بالتفريق ولا يحصل معه حكم بتحريم أي : لأن التحريم حاصل قبل وحينئذ فجواب الشارح كابن حج غير ملاق لبحث البلقيني والجواب عنه علم من قولنا أي : لأن التحريم حاصل قبل أي : إن سبب عدم ترتب التحريم على الحكم بالتفريق في النكاح أن التحريم حاصل قبل ولا معنى لتحصيل الحاصل حتى لو فرض أنه ليس فيه تحريم كان كمسألتنا فيتبع الحكم بالتفريق فتأمل ا هـ . ( قوله : بما مر ) أي : في القسمة . ( قوله : مثلها ) أي : القسمة ع ش . ( قوله : في البائن ) أي : بخلافه في الرضاع واللعان مغني . ( قوله : فإن المراد دوامه إلخ ) وأيضا المراد بدوامه عدم ارتفاعه برجوع الشهود كما هو السياق سم . ( قوله : سبب يرفعه ) أي : كتجديد العقد ع ش . ( قوله : حيث لم يصدقهم الزوج ) فإذا قال بعد الإنكار إنهم محقون في شهادتهم فلا رجوع له سواء أكان ذلك قبل الرجوع أم [ ص: 283 ] بعده مغني .

                                                                                                                              ( قوله : ولا كان الزوج قنا إلخ ) خلافا للمغني عبارته الرابعة أي : من الصور التي استثناها البلقيني من وجوب مهر المثل إذا كان المشهود عليه قنا فلا غرم له ؛ لأنه لا يملك ولا لمالكه ؛ لأنه لا تعلق له بزوجة عبده فلو كان مبعضا غرم له الشهود بقسط الحرية قال أي : البلقيني : ولم أر من تعرض لشيء من ذلك انتهى والظاهر كما استظهره بعض المتأخرين إلحاق ذلك بالأكساب فيكون لسيده كله فيما إذا كان قنا وبعضه فيما إذا كان مبعضا لأن حق البضع نشأ من فعله المأذون فيه ا هـ . ( قوله : ساوى المسمى إلخ ) وسواء أدفع إليها الزوج المهر أم لا بخلاف نظيره في الدين لا يغرمون قبل دفعه لأن الحيلولة هنا قد تحققت مغني وأسنى . ( قوله : فإن كان ) أي : الزوج . ( قوله : الفراق ) أي : حكم القاضي به مغني . ( قوله : لا يسقط حقه إلخ ) كما لو جرح شاة غيره فلم يذبحها مالكها مع التمكن منه حتى ماتت أسنى ومغني . ( قول المتن ولو شهدا إلخ ) ولو شهدا أنه تزوجها بألف ودخل بها ثم رجعا بعد الحكم غرما لها ما نقص من مهر مثلها إن كان الألف دونه على الأصح أو أنه طلقها أو أعتق أمته بألف ومهرها أو قيمتها ألفان غرما ألفا وكل القيمة في الأمة والفرق بينهما أن الرقيق يؤدي من كسبه وهو للسيد بخلاف الزوجة أو بعتق لرقيق ولو أم ولد ثم رجعا بعد الحكم غرما القيمة وظاهر أن قيمة أم الولد والمدبر تؤخذ منهما للحيلولة حتى يسترداها بعد موت السيد أي : من تركته وشرط ابن الرفعة لاستردادها في المدبر أن يخرج من الثلث فإن خرج منه بعضه استرد قدر ما خرج نهاية وفي سم بعد ذكر مثلها عن الأسنى ما نصه وهو الصحيح ا هـ .

                                                                                                                              أي : خلافا للمغني حيث وافق الروض في أنهما يغرمان الألف فقط في الأمة كالزوجة . ( قول المتن بطلاق ) أي : بائن وفرق أي : بشهادتهما أو لم يفرق كما فهم بالأولى مغني . ( قوله : كأن ثبت ) أي : ببينة أو حجة أخرى كالإقرار . ( قول المتن رضاع ) أي : أو نحوه كلعان أو فسخ مغني . ( قوله : من قبل ) أي : قبل الرجوع مغني . ( قوله : استردا ) ولو رجعت هذه البينة بعد حكم الحاكم بالاسترداد ينبغي أن تغرم ما استرد لأنها فوتت عليه ما كان أخذه ولم أر من ذكره مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية