الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              مسألة ذهب بعض الفقهاء إلى أن الأمر يقتضي وقوع الإجزاء بالمأمور به إذا امتثل

              ذهب بعض الفقهاء إلى أن الأمر يقتضي وقوع الإجزاء بالمأمور به إذا امتثل

              وقال بعض المتكلمين : لا يدل على الإجزاء لا بمعنى أنه لا يدل على كونه طاعة وقربة ، وسبب ثواب ، وامتثالا لكن بمعنى أنه لا يمنع الامتثال من وجوب القضاء ، ولا يلزم حصول الإجزاء بالأداء بدليل أن من أفسد حجه فهو مأمور بالإتمام ، ولا يجزئه بل يلزمه القضاء ، ومن ظن أنه متطهر فهو مأمور بالصلاة ، وممتثل إذا صلى ، ومطيع ، ومتقرب ، ويلزمه القضاء ، فلا يمكن إنكار كونه مأمورا ، ولا إنكار كونه ممتثلا حتى يسقط العقاب ، ولا إنكار كونه مأمورا بالقضاء ; فهذه أمور مقطوع بها ، والصواب عندنا أن نفصل ، ونقول : إذا ثبت أن القضاء يجب بأمر متجدد ، وأنه مثل الواجب الأول فالأمر بالشيء لا يمنع إيجاب مثله بعد الامتثال ، وهذا لا شك فيه ، ولكن ذلك المثل إنما يسمى قضاء إذا كان فيه تدارك لفائت من أصل العبادة أو وصفها ، وإن لم يكن فوات ، وخلل استحال تسميته قضاء فنقول : الأمر يدل على إجزاء المأمور إذا أدي بكمال وصفه ، وشرطه من غير خلل ، وإن تطرق إليه خلل كما في الحج الفاسد ، والصلاة على غير الطهارة فلا يدل الأمر على إجزائه بمعنى منع إيجاب القضاء .

              فإن قيل : فالذي ظن أنه متطهر مأمور بالصلاة على تلك الحالة أو مأمور بالطهارة ؟ فإن كان مأمورا بالطهارة مع تنجز الصلاة فينبغي أن يكون عاصيا ، وإن كان مأمورا بالصلاة على حالته فقد امتثل من غير خلل ، فبم عقل إيجاب القضاء ؟ وكذلك المأمور بإتمام الحج الفاسد أتم كما أمر . قلنا : هذا مأمور بالصلاة مع الخلل بضرورة نسيانه فقد أتى بصلاة مختلة فاقدة شرطها لضرورة حاله فعقل الأمر لتدارك الخلل ، أما إذا لم يكن الخلل لا عن قصد ، ولا عن نسيان فلا تدارك فيه فلا يعقل إيجاب قضائه ، وهو المعني بإجزائه . كذلك مفسد الحج مأمور بحج خال عن فساد وقد فوت على نفسه ذلك فيقضيه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية