الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              مسألة الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا ما لم يدل عليه دليل

              الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا ما لم يدل عليه دليل

              مثاله قوله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم } لا يدل على وجوب الأداء بمجرده على الأمة ، وربما ظن ظان أنه يدل على الوجوب ، وليس الأمر كذلك ; [ ص: 217 ] لكن دل الشرع على أن أمر النبي عليه الصلاة والسلام واجب الطاعة ، وأنهم لو كانوا مأذونين في المنع لكان ذلك تحقيرا للنبي عليه السلام ، وتنفيرا للأمة عنه ، وذلك يغض من قدره ، ويشوش مقصود الشرع ، وإلا فلا يستحيل أن يقال للزوج الشافعي إذا قال لزوجته : " أنت بائن على نية الطلاق " . راجعها ، وطالبها بالوطء ، ويقال للحنفية التي ترى أنها بائنة : يجب عليك المنع ، ويقال للولي الذي يرى أن لطفله على طفل غيره شيئا : اطلبه ، ويقال للمدعى عليه إذا عرف أنه لا شيء على طفله : لا تعطه ، ومانعه ، ويقول السيد لأحد العبدين : أوجبت عليك أن تأمر العبد الآخر ، ويقول للآخر : أوجبت عليك العصيان له .

              ، وبهذا تعرف أن قوله : عليه السلام { مروهم بالصلاة لسبع } ليس خطابا من الشرع مع الصبي ، ولا إيجابا عليه مع أن الأمر واجب على الولي . فإن قيل : فلو قال للنبي : أوجبت عليك أن توجب على الأمة وقال للأمة : أوجبت عليكم خلافه . قلنا : ذلك يدل على أن الواجب على النبي أن يقول : " أوجبت " لا على حقيقة الإيجاب ، فإن أراد حقيقة الإيجاب فهو متناقض بخلاف قوله : { خذ من أموالهم صدقة } فإن ذلك لا يناقضه أمرهم بالمنع . فإن قيل : ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، والتسلم لا يتم إلا بالتسليم . قلنا : لا يجب التسلم بل يجب الطلب فقط ، ثم إن وجب التسلم فذلك يتم بالتسليم المحرم ، وإنما يناقض التسلم انتفاء التسليم في نفسه لانتفاء علته ، وحكمه ، وبالجملة كما أن من أمر زيدا بضرب عمرو فلا يطلب من عمرو شيئا فكذلك إذا أمره يأمر عمرا فلا يطلب من عمرو شيئا .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية