الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              الثالثة : قولهم : كيف يتصرف بالقياس في شرع مبناه على التحكم ، والتعبد ، والفرق بين المتماثلات ، والجمع بين المتفرقات ؟ إذ قال : يغسل الثوب من بول الصبية ، ويرش من بول الصبي ، ويجب الغسل من المني ، والحيض ، ولا يجب من البول ، والمذي ، وفرق في حق الحائض بين قضاء الصلاة ، والصوم ، وأباح النظر إلى الرقيقة دون الحرة ، وجمع بين المختلفات فأوجب جزاء الصيد على من قتله عمدا أو خطأ ، وفرق في حلق الشعر ، والتطيب بين العمد ، والخطأ ، وأوجب الكفارة بالظهار ، والقتل ، واليمين ، والإفطار ، وأوجب القتل على الزاني ، والكافر ، والقاتل ، وتارك الصلاة ، وقال لأبي بردة : { تجزي عنك ، ولا تجزي عن أحد بعدك في الأضحية ، } ، وقيل للنبي عليه السلام : { خالصة لك من دون المؤمنين } ، وكيف يتجاسر في شرع هذا منهاجه على إلحاق المسكوت بالمنطوق ، وما من نص على محل إلا ، ويمكن أن يكون ذلك تحكما ، وتعبدا ؟ قلنا : لا ننكر اشتمال الشرع على تحكمات ، وتعبدات فلا جرم ، نقول : الأحكام ثلاثة أقسام قسم لا يعلل أصلا ، وقسم يعلم كونه معللا ، كالحجر على الصبي فإنه لضعف عقله ، وقسم يتردد فيه .

              ونحن لا نقيس ما لم يقم لنا دليل على كون الحكم معللا ، ودليل على عين العلة المستنبطة ، ودليل على وجود العلة في الفرع ، وعند ذلك يندفع الإشكال المذكور ، ولما كثرت التعبدات في العبادات لم يرتض قياس غير التكبير ، والتسليم ، والفاتحة عليها ، ولا قياس غير المنصوص في الزكاة على المنصوص ، وإنما نقيس في المعاملات ، وغرامات الجنايات ، وما علم بقرائن كثيرة بناؤها على معان معقولة ، ومصالح دنيوية .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية