الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثالثا - الجنس ومشكلاته

ترتبط المشكلة الجنسية بالشباب؛ حيث اهتمت الدراسات النفسية والتربوية بهذه الناحية باعتبارها أساس مشكلات الشباب.

والمجتمع المسلم لم يعرف الجنس كمشكلة، لأن الحياة فيه ارتبطت بمنهج الله وتنظيمه، كما أن المجتمعات العربية لم تعرف الجنس قضية في حياتها؛ لما كان من إحساسها بالترابط العائلي، ومسايرة الفطرة في تلبية حاجات الجنس بالطرق المشروعة، ثم للتربية القائمة على الاعتزاز، بالشرف والفضيلة حتى إن شاعرا جاهليا كعنترة يقول:

ما استمت أنثى نفسها في موطن حتى أوفى مهرها مولاها     أغشى فتاة الحي عند حليلها
وإذا غزا في الحرب لا أغشاها     وأغض طرفي ما بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها     إني امرؤ سمح الخليقة ماجد
لا أتبع النفس اللجوج هـواها

إن المجتمعات العربية المسلمة تعلم أن الجنس طاقة في الإنسان أوجدها الله لأداء وظيفته في الحياة؛ من خلال ضوابط ومعايير ونظم وتوجيهات تتحقق بها أهدافه، ولا ينظر الإسلام له إلا كما ينظر للطاقات الحيوية في الإنسان كالغرائز والميول، والحاجات التي تتمثل في الطعام والشراب وغير ذلك. [ ص: 39 ] فالجنس دافع غريزي من الدوافع التي يستجيب لها الإنسان متى ما أحس بالحاجة إليه، ووفق المعايير والحدود التي شرعتها الأديان، ولذلك جعله الإسلام من الأعمال التعبدية ما دام هـدف الإنسان منه: استمرارية الحياة، وعفة النفس، وصيانة المجتمع، وحفظ النوع. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( وفي بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله: إن أحدنا ليأتي شهوته ثم يكون له عليها أجر؟ قال: أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فإذا وضعها في حلال فله عليها أجر ) بل إن الإسلام يحذر من العزوف عن الزواج باسم العبادة والرهبانية ( أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) [1] وذلك في الرد على ثلاثة من الشباب الذين تباهوا بعبادتهم وانقطاعهم عن دواعي الفطرة، وحاجات الجسد في النوم والراحة والجنس والمتعة.

وقد جعل الإسلام للجنس - كما جعل للغرائز كلها - ضوابط ذاتية، وضوابط اجتماعية تنظمه، وتحدد طريقه وأسلوبه، وسنفصل ذلك في موضعه إن شاء الله.

إن سؤالا يفرض نفسه على كل من يتناول هـذا الأمر بالتفكير وهو: ما الذي جعل الجنس مشكلة للشباب؟.

إننا نجد لذلك أسبابا كثيرة، نذكر بعضها فيما يلي:

التالي السابق


الخدمات العلمية