الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

ظاهرة التطرف والعنف (من مواجهة الآثار إلى معالجة الأسباب) [الجزء الثاني]

نخبة من الباحثين

المراد بالعلوم الفقهية

أول ما يتبادر إلى الذهن من هذا العنوان هو عبارة (الفقهية)، والفقهية نسبة إلى الفقه. والفقه في اللغة هو الفهم الدقيق والعلم العميق بالأمور والأشياء والأفعال والحقائق وسائر المعلومات والمعطيات.

أما الفقه في الاصطلاح الشرعي فيطلق على علم الأحكام الشرعية الإسلامية العملية الثابتة بأدلتها التفصيلية من القرآن الكريم والسنة النبوية.

ومن هنا، فإن الفقه الإسلامي يشمل أحكام الحلال والحرام والواجب والمندوب والمكروه، المتعلقة بأفعال الناس وقضايا الوجود ونوازل الحياة. وتثبت هذه الأحكام وتظهر وتترجح بموجب بيان القرآن والسنة، وبمقتضى النظر الاجتهادي المبني عليها، والمراعي لمسالكه وأدواته الإجماعية والقياسية والاستصلاحية والاستحسانية والاستصحابية والاستقرائية والذرائعية والسياقية والمقاصدية والقواعدية والضوابطية والاستدلالية والتأويلية بوجه عام.

ويستخلص - بناء على هذا المفهوم - حقيقة معرفية شرعية يتحدد بموجبها معنى الفقه ومضمونه، انطلاقا من الدلالة الاستغراقية لعبارة (الفقه)، إذ تشمل هذه العبارة الفهم الدقيق والعلم العميق والإحاطة الواعية والجامعة بالشيء أو الأمر المراد فقهه وتعقله والعلم به، وانطلاقا - كذلك - من الدلالة الاصطلاحية المتعارف عليها في مجالات كثيرة ومناسبات عدة من [ ص: 21 ] مقامات العمل الفقهي وأداء الفقهاء، إذ كثيرا ما تدل عبارة الفقه على مجموع الأحكام الجزئية، وعلى أدلتها وأصولها ومقاصدها وقواعدها ومسالكها ومختلف معطياتها ومعلوماتها التي تحددها وتظهرها وترجح بينها وتفعل دورها وتعمق أثرها، وغير ذلك.

فهذه الحقيقة المعرفية الشرعية المستخلصة من هذا المفهوم الشامل لعبارة الفقه، هي كون الفقه الإسلامي مجموع الجزئيات الشرعية الواقعة في إطار كلياتها، أو كون الفقه الإسلامي مجموعة الأحكام الشرعية الجزئية بأدلتها التفصيلية، وبكلياتها الأصولية والقواعدية والمقاصدية والموازنية والترجيحية والضوابطية، وفق منهج الفهم والتنـزيل المضبوط والمعروف في المنظومة الشرعية والمدونة الاجتهادية. وهو الذي يمكن أن نصطلح عليه بمصطلح (العلوم الفقهية) الذي يرقى إلى درجة اللقب العلمي الدال على موضوعه ومضمونه المتمثل في فقه الأحكام الفرعية والجزئية في إطار كلياتها المتنوعة الجامعة (الأصول، والمقاصد، والضوابط، وغير ذلك مما يلي بيانه لاحقا).

ويمكن أن نفصل القول في بيان هذه الحقيقة ببيان ما يتكون منه الفقه الإسلامي، إذ يتكون الفقه الإسلامي من أحكام جزئية فرعية ومن أدلة تفصيلية لهذه الأحكام ومن كليات شرعية متنوعة ومتعددة بتعدد مدركات الأحكام ومصادر الاستنباط ومناهج الاستدلال.

ويمكن أن نبين ببعض التفصيل هذه المكونات على النحو الآتي: [ ص: 22 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية